إنهُن قوارِير رغـــم المِهنه .. بائعات الشاي
 

العدد 7522 ـ 09/11/2010م
[align=justify]استوقفتنِي عِبارة في إحدى طاولات سِتات الشاي مكتُوب عليها (من أجل أبنائي) .. كثيراً ما يحزنني ويفقدني شيء من التفاؤل تلك النظرة المستصغرة والترفُع من الشارع لهؤلاء الشرائح التي تعثرت خطاها في ضروب الحياة، أين المعضلة؟ أم لِكُل قاعدة شواذ!! كلُ ما في الأمر أن إنسانه أبت أن تستسلِم لكلابِيب الفقر فامتهنتْ هذه المهنة، ولو كشفت على قلبها لوجدته قد أصابته تقرحات من صُعُوبة ما تُواجهه من مِزاح الزبائِن الثقيل طالما أنها في غياهِب السُوق، تستظِلُ بظلال الضُحى والذي لم يلبث قليلاً حتى ينطوي في جُزيئاتِه لتتحوّل إلى ظِلال أخرى تحت أغصان الشجر. وبين هذا وذاك حتى تميل شمسها للغروب وقد أصابها ما أصابها من وعثاء العمل وتعود ظافرة مادياً غير نفسياً لتنفق على أطفالها والذين هم على جمر الإنتظار.
إننا ننظر (لستات الشاي) وكأنهن حثالة البشر، أو أنهن من كوكب آخر.. فلماذا؟ إن الله قد رزقك علم وتفكير وقوة فاتخذت منها سبباً فكانت سبب في توسيع رزقك! فقابل هذا بالشكر لأن هناك من حُرم منها .. فسبحان العاطي والمانع، بنت تبيع شاي!! تسترزق الله وتأخذ بالأسباب بعد ما فشلت عقارب الزمن ودورانها في أن تهيئ لها مساحة لتخطيط مشروع حياتها ووضع الحلول والبدائل لتغير هذا الإتجاه وإسعافها من جحيم هذه المهنه، لأن الوقت عندها من ذهب ولا يتحمل التوقف وذلك لثقل الأعباء المنهالة على عاتقها تجاه أطفالها كل ما تشرق شمس يوم جديد.. ففضلت هذه المهنه من أن تمُد يَدها وتستقبِل الصدقات. أنتَ تنظر لهذه المهنه بأنها غير حضارية وتتنافى مع العواصم النموذجية، وهي تنظر لأفواه مفتوحة وأجواف فارغة معلقة في عاتقها.. فشتان بين النظرتين!!
رفقاً رفقا.. إنهن قوارير رغم المهن ورغم فقدهن لبعض الأنوثة جراء هذه المهنة الصلبة.. أولم نخرج زكاة الأقلام بأن نكتب عن هذه الفئة التي تكبح وتكافح من أجل البقاء. لأننا لا نقول ولم نكن ملائكة تمشى على الأرض أو نحن ممن رضيت عنهم الأوطان وضمتهم إلى روضة السعداء حتى عاشوا عيش المترفين!! كلا.. نحن شعب متكامل الشرائح ، وهذه سنة الله في خلقه فقد جعل بيننا الغنى الذي يصرف ملايين الجنيهات على كلب نجٍس اللّعاب، أو قطة يستكين لنعومة حريرها المنسدل ذات اليمين والشمال أو ببغاء يردد ما استهوته نفسه من العبارات أو عصافير الزينة التي تزقزق بنغمات مأجورة فهي صريعة الحبس، تنادي بإطلاق سراحها وهو لا يدري. ولدينا الوسط ودون الوسط ومنا الفقير الذي أوهنته سكرات الفلس... ومنا من امتطى على صهوات لسانه واتخذه دابة تنجيه من وحل الفقر.. فطلق وحرم واعدم عياله ليقنع البائع أو المشترى. لذلك هذه مواطنه لها حق العيش في هذا الوطن ولها حق تضمنه القوانين وتحميه الأعراف بأن تمشى في مناكبه وتبتغي من رزقه.. ومنهن من اتخذن هذه المهنة لترويج سلع أخرى غير شرعيه ولكن هذه فئة قليله تتحمل وزرها ولا يجوز أن نحكم على البقية.. [/align]