منتديات الملوك

منتديات الملوك (https://elmelok.com//index.php)
-   الشعر والخواطر (https://elmelok.com//forumdisplay.php?f=96)
-   -   ريشة من جناح الذل - حسن الزهراني (https://elmelok.com//showthread.php?t=36786)

شريف عبد الرازق شريف 23-11-2016 12:55 PM

ريشة من جناح الذل - حسن الزهراني
 
ديوان ( ريشة من جناح الذل)


الشاعر بحتري الباحة - حسن محمد الزهراني



حسن الزهراني يروي لون الوجع لفقده الكبير لوالدته في نكهة الحزن والوفاء والعبادة..رثاءًاً حاراً ومعبراً يحكي قصة حزن جميل. ورغماً عن جمال النظم والتعبير يصعب علي الإنسان قراءته دون أن تخنقة العبرات والدموع، لأنها مفعمة بمشاعر الوفاء والمودة والاعتراف بالجميل وحفظ الفضل والبر . يقال أنه أول ديوان في تاريخ الشعر العربي في رثاء الأم - وسماه (ريشة من جناح الذل).. إقتباسا من معني قوله تعالي :
وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)لم يسمي الشاعر ديوانه جناح الذل كما ذكر في الأية إنما سماها ريشة من جناح الذل – تعبيرا عن جهده المقل قياسا بما يستحقه والدته وذلك تعبيراً عن البر والوفاء


الشــــــمّعة


أُمَّاه ياشمعــــةً بالحــب تأتلــــق = لكـي تضيء حــياتي وهــيَ تحتــرق
أماه يابسمــةً تُحيـي رفـــات دمــي = إذا اســتبدّت بهِ الأحـــزان والحُــرَقُ
كم ليــلةٍ من ليالي العمـــر داجـــيةٍ = تنــام عيـني ويضــني عينـــك الأرقُ
وكم ســكبت دموع الشــوق ســاخنةً = مـدى غيابي . وأدمـى طرفـك الأفـــقُ
ياوردةً ماتســـنّى عطـــــرها أبداً = يفـوح منهـــا على طـول المدى عبــقُ
يابلبلاً بذر الأنغـام في شـــــــجني = مـن صـوته ناصــع التحــنان ينبــثقُ
يانحلةً تعشــق الأزهـــارُ طلعـــتَها = بهيّــةً عـندما يبـــدو لهـا الفلـــقُ
ياكــوثراً كم روي قلــبي برقّــــتهِ = فمـنهُ يصطــبح الصــادي ويغتـــبقُ
يانخــلةً شمخت في طهـــر قافيـــتي = وعطفـها لِمعــاني هاجسـي طــــبقُ
يامن يعــود إليك القلب مُبتهــــــلاً = يسـتلهم الرشــد إن ضلّت بـه الطــرق
فَتُسرجين له الأحـــلام يركبـــــها = شـــوقاً إلى قمــم العـلياء ينطـــلقُ
أُمّـاه قد بان ضعفـي واســـتدار فمــي = عن قِبلـــة النّطــق واستشـرى به الفَرقُ
ماذا سـأكتب عن نهـر الحــنان وهــل = يطيــق حمــل شـعوري نحـوك الورقُ؟
بل كيـف أوفيــكِ ماقدّمتِ من كـــرمٍ = ومـن حــنانٍ ومـن حبٍ لهُ ألـــقُ ؟
أُمّـاه هــذا فـؤادي جــاء معــتذراً = عن عجـزه . يحتـويه الخــوف والقــلقُ
لم يســتطع بعـد جهــدٍ رَدِّ ما بذلـت = كفـاك . حتى دنا من عزمـــه الشــفقُ
لكِ الفــؤاد الذي أنت الضـــــياء له = لكِ المشـــاعر والأنفـــاس والحــدقُ


صُبحُ الفاجعة ( المرض )

مالي بغير الله مُعتَقدُ = أدعو وهذا القلب يرتعدُ
كَفَّي على كَبدي ففي كبدي = مِمَّا(بأمي) جمرة تَقِد
أمي التي لم تشكُ من ألمٍ = حتى أشتكي لكبودنا الكَبدُ
عاشت برغم الدَّاء شامخة = لم يثنِ صادق عزمها كَبدُ
عاشت تصارع داءها زمناً = لم يدرِ عن آلامها أحداً
خمسون عاماً وهي كَادِحَةً =والضعف في أحشائها جَلّدُ
خمسون عاماً وهي صامتةً = والجمر بين ضلوعها بَرَد
خمسون عاماً وهي صابرة = وحديثنا عن صبرها زَبَد
خمسون عاماً كَفُّها سُحبُ ُ = وقلوبنا لِحنانها تَردُ
خمسون عاماً وهي واقفة = لِتُريحَ من في ظلِّها قعدوا
خمسون عاماً وهي ساهرة = لتريح من في حضنها رقدوا
واليوم فوق سريرها سكنت = والصَمت فوق جبينها يَلِدُ
اليوم يا أمي يحاصرني = حزني وجيش الخوف يحتشد
اليوم عدت بشيبتي طفلاً = لحنانك المعهود أفتقِد
إني وسائر صِبيَتي نبكي = وإليك رجع بكائنا يَفِدُ
فلقد فقدنا إذ رحَلتِ يداً = تعطي وبعد عطائها تَعِد
ولقد فقدنا نهر عاطفةٍ = كُنَّا بطهر سناه نبترد
ولقد فقدنا صوت ساجعةٍ = أنغامه لِسرورنا مدد
ولقد فقدنا وَجهَ مُشرقةٍ = بضيائة الأحلام ترتشد
ها نحن بعدك في متاهتنا = تلهو بنا الأكدار والكمد
أمّاه خان الصبُر قافيتي = فلمن سواك أبثُّ ما أجد
روحي لِدفءِ يديك هاربة = أعدو إليها وهي تبتعد
أنت روحي توأما فرح = وتوائم الأرواح تتحد
غادرتماني صُبح فاجعتي = وأنا بدونكما هنا جسد
مُذّ غبتِ يا أمي وفي رئتي = أهات الهوجاء تطرد
طحنت رحى همّي سنا فرحي = ما سرّني مال ولا ولد
سَفَكت بواتِرُ غربتي املي = وحدي _ وأنت الأهل والبلد
سكن البكا عيني ومحبرتي = عين يَخِيط رموشها الرَّمَد
ارسَت على شط الأسى سُفُني = لمَّا مرضتِ . وخانها الرَّشَدُ
عجز الطبيبُ وطبُّه وأنا = في الواحد الديَّان معتقد
وَجَّهتُ للرحمن ناصيتي = أدعو لك المولى وأجتهد
يا من شفى (أيوب) ليس لنا = ربٌ سواك عليه نعتمد
ياربِّ جُد بشفاء والدتي = وامنن فأنت العون والسَّند


إنصــــات ( الصبروالدعاء )

الدَّاءُ ينهشُ صدر أمي= مابوسع الطبّ دَفعَه
وأنا أمسَّحُ دمع عيني = دمعةُ في إثر دمعه
والكون يُرهِفُ بالبكاء = المُرّ والأهات سمعه
اسلَمتُ لِلرحمن أمرَ = مصيبتي ورجوتُ نفعه
في كل جزء من فؤادي = من جحيم الحزن قطعه
ضاقت بي الدنيا وَغَادَرَتِ = الأماني دون رجعه
لم يُبق لي هذا المصاب = مَسَرّةً تُرجَى ومُتعه


من أين لي من بعدها قلب ؟ ( الفراق )

,
أمّاهُ ضاق بحزني القلبُ = وأحاط بي في كهفه الكربُ
شَرَق البكا من صمت قافيتي = والدّمع من عينيَّ ينصبُّ
وتشابهت في وجه خارطتي = كل الجهات فشرقها غرب
وانشَقّ صدر سعادتي كدراً = وبكى عليك الرَّكب والدرب
سَجَدَت على جمر الأسى رئتي = وذوى بفقدك روضها الخصب
هل مِتّ يا أمي ؟ فواعجباً = عن أيّ وداءٍ يعجز الطبُّ ؟
هل مِتّ يا أمي ؟ فمن لِبَدٍ = كَسِبت وضاع بفقدك الكسب
هل متِ يا أمي ؟ فوا أسفي = إذ ضَمَّ صافي وجهك التُّربُ
ياصفوة الأحباب معذرةً = مات الحبيب وأوصِد الحب
وَقَفت أمام الخطب واجمة = كل القوافي ضمَّها الجدب
عاتبتها وشططت في عتبي = قالت : وربِّكَ مالنا ذَنبُ
ماذا نقول ومن سيسمعنا ؟ = حزب البكاء يسوقه حزب
أين المفرّ وشمسنا غربت = فجراً . وجفّ المورد العذب
كل القصائد شاخ رونقها = عادت على رمل اللظى تحبو
وكتائب الآهات في كبدي= سِربٌ يسير وراءه سرب
من أين أبدأ والمدى حُرَقٌ = واللّبُ ليس لِلُبّهِ لُبُّ
زادي أنينُ شَبَّ في رئتي = نار النّحيب . وأدمعي شُرب
ضاقت بي الدنيا وأودعني = سَمَّ الخياط . فضاؤها الرَّحب
فَأنَختُ قرب القبر فاجعتي = وأدار وجه ضيائه القرب
عَلّقتُ في وتر الأسى فرحي = فغناؤه الأشباح والرُّعب
ودعوت أمي لم تجب وَزَقا = بأنين قلبي بعدها الصُّلب
وصرختُ : يا أماه أين أنا ؟ = بل أين أنت ؟ وَصَرخَتِي تخبو
مَن لِي وقد خَلّفتِني كَمِداً ؟ = فكأنما قالت : لك الرّبًّ
عُد يا بني إليهِ مُحتسباً = وإلهنا لِعبادهِ حَسبُ
فكسرتُ فوق القبر محبرتي = فلكل روضٍ حوله شِرب
فكان أبياتي رياحينٌ = فوّاحة وحروفها عشب
ورميتُ في قاع البكا قلمي = فطواه في ظلماته النَّحبُ
وحرقت أوراقي .. وذاكرتي = في سقفها مِمَّا جرى ثقب
يامعشر اللوَّام معذرةً = زّارَ المُصَاب وزمجر الخطب
فلقد فقدت بفقدها أملي = والصبر عنها مطلبٌ صعب
كم كنت أرجو أن تعيش معي = وتضمّها الأجفان والهدب
لكنها رحلت فَوَا كدري = حزني عليها ناره تربو
رحلت لِتَترك إلفها حرضاً = تلقي ببعض أنينه الشهب
رحلت بقلبي حول مِعصمها = من أين لي من بعدها قلب ؟؟؟؟

شريف عبد الرازق شريف 24-11-2016 10:01 AM

[overline]هكذا كلما أقرأ قصيدة من هذا الديوان أبكي أمي وهي حية وأعزي نفسي وأنا لا أعرف هل هي من ستفارقني أم أنا الذي سوف أسبقها وأيما الأجلين إنقضت فها أنا قد استشعر رثاءها في وجداني . وهكذا أمهاتنا يملأن وجداننا بفيض من المشاعر ننام عليها وتتدفق دموعا كلما رثينا مرهف أحساس يرثي أمه أو عزيز لديه . نسأل الله أن يمد في أعمار أمهاتنا في طاعته وأن يرحم من إنتقلت الي جوار الغفور الرحيم .[/overline]


وبحتري الباحة (حسن محمد حسن الزهراني) لم يحتمل مرض أمه ولا موتها ولم يدعنا نحن نحتمل ، لقد أدخل قلمه بإحساس الشاعر المرهف في عواطفنا وفي أعيننا (وما فينا شئ منه نجا).
ومضي شهر علي الفراق ولم تفلح الايام علي تخفيف حزن الشاعر وألمه وطال وقوفه علي قبرها وإتصل ليله ونهاره بكاءاً وحزناً ، لما لم يستطع فراق قبرها فجعل لها قبرا في صدره الملئ بالحزن عليه .


قبر بين الجوانح ( مضي شهر علي الفراق )



أنا والبكاء المرّ والليل والشعرٌى = سهرنا ولم يَمدُد لَنَا كفهُ الفجرُ
وقفنا على قبر الحبيبة بعدما = مضى من ليالينا على موتها شهرُ
وقلنا له : يا قبرأمي لقد أوى = إلى راحتيك العمر . والبِشر . والصبر
ثوى العمر إذ ماتت لأنَّ حياتها = لِينبوع أحلامي وأنفاسها عمر
ثوى البشر إذ ماتت لأِن حنانها = لقلبي إذا لاَعَتهُ أحزانه . بشر
ثوى الصَّبر إذ ماتت لأن حديثها = يُغَرّدُ في واحاته الصبر واليسر
أيَا قبر أمي هل علمت بأنني = يتيمٌ طوى أفراحه الحزن والقهر
أزورك شوقاً كل يوم ومهجتي = يُحاصرها من زمهرير الأسى جمر
وأسقيك من عيني دموعاً كأنها = إذا انحدرت من نبع أحزانها نهر
تُسابق صبري كلَّما رام ردعها = وليس لها لو لم تنل سبقهُ عذر
مُصابي تَجلّى فوق كل مصيبةٍ = فما حيلة المفجوع إن غضِب الدهر
فقد مِتِّ يا أمي وفي النفس حاجة = إلى عطفك الدفاق يكتمها الثغر
لقد مت يا أمي وما زال بيننا = حديثٌ تربَّى في مرابعهِ الطُهر
لقد مت يا أمي ورحلة حُبّنَا = لها فوق أسرار المدى حولنا سِرُّ
لقد مت لم نكمل بقيّة دربنا = وموتُك في مرآة أفراحنا كسر
لقد مت يا أمي وفي الصدر زفرةٌ = تَهُزُّ الجبال الشُّمّ لو بثَّها الصدر
لقد مات يا أمي رضيتُ بما قضى = إلهي له الحمد المُضاعف والشكر
ولكن حزني مَزَق القلب بعدما = رحلتِ ودمعي هاطلٌ مالهُ حصر
رحلتِ وما زالت سجاياك سوسناً = يسير بهِ في نبض أرواحنا عِطر
ووجهُك يا أمي كما كان لم يزل = لليل فؤادي رغم آهاته بدر
أشاهدهُ أنّى تَلَفّتُّ باسِماً = كأن المُنى في روض إشراقِـهِ زهر
وَرَبِّكِ ياريحانة القلب إنني = على أمل اللُّقيا إذا ضمَّنا الحشرُ
وما هذه الأبيات إلا تَعَلّلٌ = وَإلاَّ فما يُشفى جراح النّوى شِعر
أطَلت وقوفي قرب قبرك باكياً = فما فادني دمعٌ يحاصره وِزر
سأحمل هذا القبر بين جوانحي = وأمضي . فهل يرضى بموطنه القبر ؟


اندهاش

تلاشى الصبر من ليل التّلاشي = وحزني في نموٍّ وانتعاشِ
تلاشى الصبر حين رأيت أمي = وقد حُملت على بيض النِّعاش
لقد جادت بغزر الدّمع عيني = وصَرتُ لِكَثرةِ الأحزان عاشي
فقد كانت ضياءً في حياتي = فأضحى اليوم مسودّاً معاشي
حزنت لُفقدها وفقدتُ صبري = وأدهش دهشتي هول اندهاشي

( شهران علي الفراق ) وهل يفلح الشهران فيما عجزت عنه الشهر ؟ أم يظل شاعرنا يكتوي بلهيب الفراق . إن المشاعر العميقة والتي نمت منذ تكوين الجنين في بطن أمه تصبح جزء من الإنسان لا تنتهي بالفصل عند الولادة ولا بالفراق عند الممات وتظل قوية ومؤثرة في كل منهم . هي لم تمت في إحساسه ومشاعره وهو ليس بحي لموت الفرح ومباهج الحياة بفراقها



لا أنت مِتِّ ولا أنا حيُّ

شهران والدمع في خدّيَّ يستبقُ = ومهجتي من غدير الهمّ تغتبقُ
شهران مُذٌ مِتَ يا أمي وقافيتي = خرساء يسري بها في ليلة القلق
شهران مرَّا وليل البؤس مُنصَلِتٌ = والنفس تعصرها الأحزان والحُرق
شهران مرَّا وباب البوح منغلقٌ = والقلب في وَهَج الآهات يحترق
شهران يهجرني شعري ويقتلني = صمتي وروحي بقبو الخوف تختنق
شهران لا قلمي ضمَّتهُ محبرتي = ولا حروفي تلقَّى ومضَها الورق
شهران نار البكاء المرّ تصهرني = شهران ما لاح في أفق المنى فلق
أفاق بعدهما قلبي وأنقذني = شعري وقد كاد يطوي صبري الغرق
فقد رأيتك يا أمي وانعشني = في الحلم وجهٌ بهِ الآلام تنسحق
أماه مازلتِ فوق الشمس شَامِخةً = وحبك العذب في الأرجاء ينطلق
مازلت في فلك العينين راكضةً = يحنو على قدميك الجفن والحدق
ما زلت يا أصدق الأحباب واقفة = في بهو روحي ونور الحب منبثق
ما زال كفُّك في كفي ورحلتنا = تسعى إليها بسامي شوقها الطرق
هل مِتّ ؟ لا .. لم تزل عيناك مشرقةً = على دروبي ولم يظهر لها شفق
هل مت ؟لا والذي أحياك في خلدي = إني وطيفُك فوق الحلم نعتنق
نسامر البدر نسقي الفجر أغنية = أنفاسها شجنٌ أوتارها ألق
روحي وروحك عصفوران شدوهما = حبٌ يرفرف في أنفاسه عَبَق
لا أنت في زمرة الأموات ميّتةً = ولا حياتي مع الأحياء تتفق
أحياك حبّي وأودى بي على عجلٍ = فراقكِ المُرّ والآهات والأرق
ولم يزل أمل اللقيا يؤججهُ = أنّي بربّي كما علّمتني أثِق



من الثرى إلى الثريا


ما دفنّاك في الثرى يا ( ثريِّا ) = بَل رسمناك وردةً في الثريِّا
أنت ما مِتّ إنّما ماتَ ( ..... ) = زادهُ جهلهُ بمن أنتِ غيَّا
لاَمَ عيني على البكاء ولو لم = تبكِ أشبعتها من من الجمر كَيّا
كيف لاتبكي من جَرَت في عروقي = عبقاً سائغاً وعطراً زكيّا
أنت شمسٌ أضأتِ ليل فؤادي = وصباحٌ رأتهُ روحي نقيّا
أنت نهرُ الحنان يمنح قلبي = حين يجري بهِ جَمالاً وريَّا
لستِ أمي فحسب بل أنت قلبٌ = يسكن القلب بُكرَةً وعشيّا

شريف عبد الرازق شريف 27-11-2016 02:58 PM

مضي الشهر والشهران ثم الثالثة والشاعر يغالب صبره بحزنه ولم يشفي قلبه الذي جعله قبرا لإمه , والشاعر صار كل لحظاته شوق يكابده وأمل يساوره علي اللقاء بها في الجنة كما وعدنا الرسول (ص) حيث قال (( المرء مع من أحب يوم القيامة ))


لغزُ في محاق العشق ( ثلاثة اشهر مضين )



بكى شعري بحزنٍ حين عَزَّى = فلم أسمع لِطير الصبر رِكزَا
سهام تعاستي تَهمِي لهيباً = وتُعرزُ في عروق السَّعد غرزا
ثلاثة أشهر وأنين قلبي = يهزُّ فسائل الأحزان هزّا
فتهطل أدمعي في روض صمتي = وتُلبس عاتي الآهات خَزّا
ثلاثة أشهر والهَمّ سيفٌ = يحزُّ براعم الأفراح حزّا
ثلاثة أشهر ياقبر أمي = وأنتَ تزيد في الأعماق عِزّا
ثلاثة أشهر وورود شعري = تُعلّقُ فيك إيضَاحَاً ورمزا
ثلاثة أشهر وجِراح روحي = تُذيب سعادتي وتنزّ نزّا
ثلاثة أشهر ورحيل أمي = يُدَوِّنُ في مَحَاق العِشق لغزا
متى ماتت ؟ وكيف ؟ وأين ماتت = لِمَ عجزت فنون الطبِّ عجزا ؟
وهل سأرى لها وجهاً إذا ما = حُجزتُ بحَالِكِ الأكفان حجزا ؟
ويجمعنا صعيد البعث حتّى = تُحاسب كل نفسٍ ثمّ تُجزى
وندخل جنّة المأوى سويّاً = إذا أذِنَ الإله وَفُزتُ فوزا
متى سأراك ياأمي فشوقي = إليك يَؤُزُّ صبري عنك أزَّا
فقد كنتِ معي نوراً لقلبي = وكان دعاؤك الميمون كنزا
يَدُكُّ حصون أحزاني جهاراً = ويحفزني إلى العلياء حفزا
وها أنا في صقيع الخوف وحدي = أعَزَّى في مصابٍ لا يُعَزّى
أعزّى في مصابٍ فوق صبري = يَرُزُّ رماحه في الروُّح رزَّا
أعزى في مصابٍ فوق صبري = تَفِزُّ له خلايا الهمِّ فَزّا
أعزى فيك يا أمي وعيني = ترى الآمال وهي تجزُّ جَزّا
فلا والله لا أنساك يامن =نحِزتُ بموتها في القلب نَحزَا


النّار والبَرد ( نصف عام من الحزن )


تذكّرت في وادي ( نُخَال ) اجتماعنا = زمان التَّصَافي صاغ أنغامه الودُّ
فهاجت دموع العين مثنى كأنّها = لهيبُ لَظىً لم يحتمل نارها الخدُّ
فقلت لِعيني كُفِّي الدمع إنني = على فقد ( أمي ) راعني الحزن والوجد
قضينا زماناً في سرورٍ وغبطةٍ = فماتت ومات الحب والصفو والسعد
لقد كنت يا أمي وما زلت كوكباً = يضيء دروبي – ما لأضوائهِ حدّ
يظن رفاقي إن تَبَسَّمتُ أنَّني = سعيدٌ سَبَى أشواقه الخدُّ والقدُّ
يقولون أنشدنا من الشعر وردةً = يَمِيسُ إذا أطلقتَ بلبلَها الورد
ولم يعلموا أنّي وحزني ولوعتي = جرى بيننا مُذ ضَمّها قبرُها عهدُ
فأخبرتهم أنّ السعادة والمُنَى = طواها مع أمي بظلمائه اللّحد
فلا تعجبوا من طول حزني وحسرتي = عليها . فقد أودى بي الهمُّ والسهد
مضى نصاف عام لم تَرَ العين وجهها = وبعد غدٍ وعدٌ على ثغره وعد
ففي مثله ماتت لِتَتركَ مهجتي = تقول وقد أزرى بها بعدها البُعد :
إلى جنّةِ الفردوس يا من تربّعَت = على عرش قلبٍ نارهُ حولها برد

شريف عبد الرازق شريف 03-12-2016 11:04 AM


تمر الايام والشهور ولكنها لا تعود ويمضي بنا العمر وهي تستنسخ لحظاتنا الحلو والمر ونعيش السعادة والفرح والحزن ولكن وكأن ذاكرتنا تمحو الافراح دوماً وبسرعة وتبقي الاحزان فترات أطول ويدور العام وشاعرنا يلتحف السماء لتساقط المباهج من حياته فراق أمه ( كيف مضي هذا العام )

الوردة البيضاء والدوامة


عام ،،، ومنزلنا بلا سقفٍ
بدون نوافذِ ،،، من دون بابِ
***
عامٌ ،،، وشلاّل الدّموع
ينزّ من قلبي ،،، إلى عيني
إلى وجه التّراب
***
عامٌ ،،، كحلم الليل
أدخل فيه ،،، مولوداً
وأخرج منه ،،، مفقوداً
ويُقبل بي ذهابي
***

عامٌ ،،، ودولاب البكاء
يدور في صمتٍ ،،، ويُخرج
من سواقي نبعهِ ،،، الصّافي عذابي
***
عامٌ ،،، وكفُّ الليل
تصفع وجنة ،،، الشمس الكئيبة
ترتوي من كأس ،،، حزني واكتئابي
***
عامٌ ،،، وهذا اليتم
يكتبُ قِصّة الآلام ،،، قسراً
في ثرى قلبي ،،، وفي قسمات وجهي
في ثيابي
***
عامٌ ،،، وتيَّار الأنين ،،، يهزّ أضلاعي
ويبذر في مدار ،،، الوقت أوجاعي
يقاسمني منامي ،،، دونما خوفٍ
يقاسمني شرابي
***

عامٌ ،،، ( وأميّ ) وردةٌ بيضاء
تنفث في رياض الروح عطر الحب
يسخر قبرها في كل يوم من شبابي
***
عامٌ ،،، وأمي تعزف الأنغام في شعري
على أوتار حزنٍ باهرٍ فيعود بي رهناً
إلى دوّامة الماضي أفتّش عن صوابي
***

عامٌ ،،، يُعَاوِدني الحنين ،،، إليك أمي
فأجلس قرب ،،، هذا القبر مبتهلاً
وحيناً أنثني أسفاً ،،، أبثكِ بعض مابي
***
أمَّاهُ ،،، ها قد مرَّ عامٌ ،،، منذ أن غبتِ ،،،
فهل هذا غيابك ،،، طال ،،، أم هذا غيابي ؟ !



إن كنتِ مِتَ

فالذي في ركن قبرك قابعٌ

فَلَربما عادت إليه الروّح

حين يرى مرابعك التي

كانت تُضيء بنور وجهك

حين تعكسه على الدنيا رياحين الروَّابي

شريف عبد الرازق شريف 07-12-2016 10:52 AM

قال تعالي :( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) أمر الله هذه تجعلنا نعذر الشاعر في بكاءه وحزنه علي أمه فقد كانت البسمة في أشعاره وبرحيلها إكتست كل قصائده بلون الحزن والم الفراق


( عامان بدون أمي )

من ألحان هزار اليتم


عَامانِ تَغتَاتُ كَفّ الحزن من كبدي = والشمس تغزل شال الجمر من كَبَدي
عامان أنثر أبياتي وأجمعها = لم تأتِ يوماً بما ينساب في خَلَدي
عامان يشدو هِزار اليتم في هدبي = لحنًا ويشربُ حيراناً من الرَّمدِ
عامان ( ريحان أمي ) فوق محبرتي = يفوح حباً وتحناناً إلى الأبد
وقبرها وهو تحت الأرض يحملني = إلى فضاءات بوحِ شاسع الأمد
أقاسم المُزن دمعاً أستحيل يداً = تمتدُّ تقتطف الأعلى من البرد
أبني على شرفات النّجم مِئذنةً = تكبيرها مُوصَلٌ بالعرش لم يَمِدِ
إذا سجدتُ رفعتُ القلب مُبتهلاً = إني على ثقةٍ بالواحد الأحدِ
أدعو لِمَن عَلّمتني الصدق مُبحرةً = بمهجتي في عُباب الحق والرّشَد
أدعو لمن علّمتني الحُبّ ما وَهَنَت = حتَّى سرى نبضهُ في قلب مُعتقدِي
أدعو لمن عطّرت شعري ببسمتها = ومن سنا روحها يعتادني مددي
أدعو لمن كلما دَوّنتُ قافيةً = وجدتُ قبلَتَها البيضاء فوق يدي
وكان آخر ما قالتهُ نظرتُها : = كُن رَاضِياً بقضاء الله يا ولدي



أين أمي ( اليتم )

هكذا وبدون أن أقصد أحداً خرج هذا السؤال قبدأت علامة الدهشة على وجوه من سألت
وعلى وجهي وتراجعت دون أن أنطق أو أن ينطقوا بحرف واحد


سؤالٌ أتي بعد عامين من موتها ...
كيف جاء ؟ ... ومن أين جاء ؟
لماذا تأخر هذا السؤال ... العجيب لماذا ؟
تقهقر شعري ... وكل حروف الهجاء
ولم تستطع بعد طول الذهول ... جواباً
فسالت على صفحة الخدّ
من جامد الحزن
بالحزن ... للحزن ... دمعه ..
***
أين أمي ؟
سؤالٌ أتي صدفةً ... أو أتي عنوةً
صوب ذهني من النبض ... عصراً
إلى اللاشعور ... شعوراً
بمأساة يُتمي
فكان على وجه ... صمت التّوجّس
في موسم القحط صفعه ...
***
أين أمي ؟
فقد زاد شوقي إلى صوتها العذب
هل رَحَلّت زهرة الياسمين
من الروض ... فوّاحة ... دون رجعة ..
***
أين أمي ؟
فقد تاق ثغري إلى كفها
تاق قلبي إلى عطفها
تاق قفر الشرايين
والأوردة الخضر في داخلي
إلى نسمة الحب من فجر بسمتها
بعد عامين مرَّا على موتها
بين ... حزنٍ ... وبؤسٍ ... ولوعه
***
أين أمي ؟
سؤالٌ أتى فجأةً
دون علمي بعلمي
صَمَتُ .. ودرتُ .. ضحكتُ .. بكيتُ .. كتبتُ
وماذا كتبتُ ؟
ما عدت أبصر شيئاً
فقد أطفأ القبر عن ناظر الشعر
في حالك العمر ... شمعه ’,’,’,’,


هذه أخر قصيدة في ديوان ريشة من جناح الزل


الشعراء كانوا دوما أكثر تأثرا بفراق الام وحسن تعبيرهم رقق مشاعرنا تجاه أمهاتنا
الشاعر محمود سامي البارودي نظم قصيدة طويلة فر رثاء أمه منها


لَعَمْرِي لَقَدْ غَالَ الرَّدَى مَنْ أُحِبُّهُ
وَ كانَ بودي أنْ أموتَ وَ يسلما
وَ أيُّ حياة ٍ بعدَ أمًّ فقدتها
كَمَا يفْقِدُ الْمَرْءُ الزُّلاَلَ عَلَى الظَّمَا
تَوَلَّتْ، فَوَلَّى الصَّبْرُ عَنِّي، وَعَادَنِي
غرامٌ عليها ، شفَّ جسمي ، وأسقما
وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ ذُكْرَة ٌ تَبْعَثُ الأَسى
وَطَيْفٌ يُوَافِيني إِذَا الطَّرْفُ هَوَّمَا
وَ كانتْ لعيني قرة ً ، وَ لمهجتي
سروراً ، فخابَ الطرفُ وَ القلبُ منهما
فَلَوْلاَ اعْتِقَادِي بِالْقَضَاءِ وَحُكْمِهِ
لقطعتُ نفسي لهفة ً وَ تندما
لِيَبْكِ عَلَيْكِ الْقَلْبُ، لاَ الْعَينُ؛ إِنَّنِي
أرى القلبَ أوفى بالعهودِ وَ أكرما
فواللهِ لاَ أنساكِ ما ذرَّ شارقٌ
وَمَا حَنَّ طَيْرٌ بِالأَرَاكِ مُهَيْنِمَا
عَلَيْكَ سَلاَمٌ لاَ لِقَاءَة َ بَعْدَهُ
إِلَى الْحَشْرِ إِذْ يَلْقى الأَخِيرُ الْمُقَدَّمَا



نسأل الله الرحمة لوالدينا حيين وميتين ونجتهد في نيل رضاهم ونتذكر أن والدينا أحياء يستطيعون أن يقضوا شي من إحتياجاتهم ويعتمدون علينا في الباقي أما بعد الموت فهم لا يقدرون علي شئ فهم ينتظرونا كل لحظة أن نتذكرهم بدعوة بصدقة بعمل صالح نخصهم بها فليس لهم من الأمر إلا ابناءهم . وأقل القليل في حقهم الدعاء لهم في الصلوات الخمسة في السجود .

فضل كلادة 07-12-2016 03:57 PM

للبيئة أثرها في الابداع والباحة بطبيعها ورونقها تتشكل في وجدان الناس وتسمو بهم لرسم مثل هذه اللوحة كما هو ظاهر في شاعر البيئة يتجول في مكنونات الطبيعة ترابها وسهولها وجبالها وأشجارها وكل ما هو جميل .. فالام تستحق أن يكتب لها من دمع العين حية كانت أم ميتة فهي لا تفارق مخيلة الابن .. رحم الله امهاتنا واباءنا واجدادنا أحياء واموات .. آمين يارب العالمين .


الساعة الآن 05:01 AM.