واوور الحكاوي القديمة ..

ولكي يحتاط للأمر رأى أن يستدعى أحد اصدقائه ليستعين به في تلك الشدة وليكون له نصيرا، اتصل بمحمد بيبي بعد أن شرح له القصة، فأجابه بيبي ( يا مغفل انت ناسى المحفظة في البيت) .. وهنا ما كان من عابدين الا أن نادى في الجمع بصوت عال (يا قوم .. أطلب منكم السماح على ما بدر منى، فقد اكتشفت بأنني نسيت محفظتي في البيت) .. وتخيلوا معي ماذا يمكن أن يفعل به ذلكم الجمع .. يقول انه تعالت الأصوات الغاضبة التي لم يميز منها الا حرف العين ،


عمدنتود رجعنا للواوور .. صدقني الاخ ده ربنا نجاه من الصوماليين .. ديل ناس خطرين جداً .. بنفس الطريقة الممثل السوداني الذي يقدم برنامج الكاميرا الخفية .. ذهب ليسجل برنامجه في انجامينا في تشاد .. وكاد ان يتعرض للطعن بسكين .. بس ربنا كتب ليه عمر جديد ..

عابدين تاني حيكون عنده فوبيا الصوماليين .. زي ما عندي فوبيا عسكري المرور من كثرة الغرامات ..

لك التحية سيف .. على احياء الواوور

هنا منبع الابداع والمبدعين هنا الاصاله وهنا التاريخ
اين انتم

حكايات من جدة

أحمد ابراهيم (أو أحمد أمغد) رجل رهن نفسه للتراث السوداني، تراه في كل محفل يقدم شيئا من التراث السوداني ، الا أنه حاد الطبع سريع الغضب، ينفعل لأي حدث مهما صغر اذا رأى أنه تجاوز المعقول، فاذا انفعل أطلق لسانه ويده وكان عاقبة أمره فرطا. ذات يوم اجتمع بعض المتشاعرين أو أولئك الذين يحسنون الظن في مقدراتهم الشعرية ويظنون بأنهم قد أدركوا الدرجة الرفيعة من الشعر، والشعر كما يقول ابن رشيق القيرواني في كتابه العمدة مذمة العقل، ذلك لأن الذي ينظم أبياتا ركيكة ويظن بأنه نظم شيئا رائعا لا يملك الا وأن يعرضها على الناس، فان كان قولا تافها ذموه واستخفوا به ومن هنا تأتي مقولة ابن رشيق (الشعر مذمة العقل)، وأنا أعرف اشخاصا لا يستطيعون كتابة جملة واحدة سليمة ورغم ذلك فهم يمتهنون الكتابة ويرتدون عباءة الكتاب الكبار واصحاب القلم، فاذا مسهم النقد ظنوا بأن من ينتقدهم أو يصوب أخطاءهم حسادات يحسدونهم نعمة الكتابة التي أنعم الله بها عليهم، ولله الأمر من قبل ومن بعد. اجتمع المتشاعرون أو الشعراء ان شئت ليبحثوا كيفية تكريم الشعراء والاحتفاء بهم لأنهم ظلموا ولم يكرمهم أحد.. وهنا كثرت الآراء واحتد النقاش بين الشعراء ، فما كان من أحمد أمغد الا وان هب ثائرا ليقول (اين هم الشعراء الذين يستحقون التكريم، فأنا لا أرى في هذا المجلس اي شاعر) فانبرى له أحدهم صارخا (يا هذا لقد سكتنا عنك وصبرنا عليك كثيرا وأنت تهين وتشتم الشعراء) فلم يمهله أمغد ليكمل حديثه بل اشار اليه باصبعه قائلا (أوع تكون حاسب نفسك مع الشعراء؟) ..

وفي موضوع الحسد حكي الفنان عيسى بروي أنه كانت في منطقتهم بالمناصير فتاة مجنونة تعيش في الطرقات وقد لفظها أهلها لعدم تمكنهم من علاجها ومن ثم السيطرة عليها على الرغم من أنها كانت فيها مسحة من جمال وفتنة، وقد حبلت الفتاة المجنونة وأصبحت حديث الناس، فاجتمع وجهاء القوم لينظروا أمرها. قال بعضهم "سلموها للشرطة لتتكفل بها؟" ولم يعجب هذا الرأي حكيم القوم الذي قال "اذا اجرت الشرطة تحقيقا فربما طالت التهة بعض كبار القوم والرأي أن نزوجها لفلان فهو معتوه مثلها"، استصوب الجميع هذا الرأي وبالفعل زوجوها لأحد المجانين ، وبعد ثلاثة أشهر انجبت ابنا، فذهب الناس يهنئون زوجا، قال له أحدهم " ايع عفارم عليك ، الناس تولد في تسعة شهور ، وانت يا كلس تجيبها في ثلاثة شهور بس؟" فرد عليه المعتوه " أها خلاص بديتوا تنجهونا "

[/justify]

رجعت إلى الواوور أيها المبدع دوماً .. أديبنا الرائع .. لقد هجر الناس الفكر والادب والتراث .. فلا بد من وقفة مع الذات والتأمل في هذا الانحطاط الفكرى الذي أجتاح الأمة بأكلمها .. لقد صدقت نبوءات مالك بن بني .. وأحسب أنك فعلت خيراً بأن فتحت لي نافذة حول هذا المفكر الجزائري المتفرد .. فدائماً أنت هكذا تقودنا إلى حيث الإثراء والجمال والفكر .. وكأنك قرأت أن إتجاهاتي وما أعاني منه من غثاء هذا الزمان سوف أجد حله لدى هذا المفكر الذي لا مثيل له فإنني لم أعد أنتمي إلى ادب وفكر هذا الشرق المخادع لأن انتاجه الفكري مزيف فلم تعد القاهرة وبيروت وغيرهم من الاعراب المستحدثين ينالون إعجابي فأنا وجهتي هذا المغرب المضيء بأمثال ( الجابري وإبن نبي) .. وهكذا أخي الاديب فأنت دائماً ما تمثل لي الجليس حامل المسيك ومعطر المجالس بالادب الفكر في الجد والهزل .. ليتك أبتعدت عن دهاليز العمل العام وضجيجه الأجوف .. فكلما أقابلك أستحضر قول معاوية النور للعقاد عندما زار الخرطوم فقال له وهو يحتضنه ( ليت في يدي خنجر أطعن به العقاد السياسي .. لأن في تلك الفترة ثار عليه الناس لأنه كان حليفاً للبريطانيين في حرب العالمية الثانية ... الخ )
إنه عصر الانحطاط أخي سيف لقد ذهب الناس عن كل المنتديات حتى من موقع سودانيز اون لاين .. أما البديل فهو تلك الجرثومة التي تسمى بالواتساب وإخواتها .. لم يعد هناك تواصل بين الاخوان في جلساتهم العائلية في الجمعيات والمقاهي .. ولم تعد هذه الحاضنات تنعم بتلك الاحاديث الاخوية والافكار المتبادلة والاراء السياسية حتى لو كانت موتورة وضحلة .. ولكن رغم ذلك عزائي في بعض حرافيش مقاهي الهنداوية الذين هم على سجيتهم .. والعجيب في الأمر أن يتأتي أحدهم ليطلعك على صورة فأر وقطة أو حمار وأسد وكأننا نقرأ في كتاب أطفال

أحمد أمغد شخصية نادرة ومن هم من أمثاله كان لهم دور كبير في مجتمع القرية زمان وربما حالياً .. هو نوع الرجل الذي يمكن له أن يدير ما حوله من الرجال والنساء .. ولكن كان الأهم في مجتمعاتنا هو كيفية إدارة النساء دون غضب منهن ودون إستجهان أو دون شك وريبة من المحارم .. أذكر زمان ايام الــ ( بالييه ) لا أقصد رقصة البالييه ولكني أقصد (البوش) وكانت هذه المناسبة في الغالب نسائية وبيت البوش يكون محتكراً من النساء خاصة إذا كانت المناسبة ( جمي كريد Jamay Kreed ) وتكون لجمع النقود بدون طهورة او زواج أو غيرها .. وكان لا بد من إدارة لهذا الجمع لربما يحدث بعض التجازوات والنزاعات بين النساء وكان هناك جزء منفصل يكون فيه رجال وهم نوع خاص يتمتعون بالنقاء والطهر والصرامة يأمن إليهم الناس على أعراضهم ومحارمهم وأحيانا كانوا يعهدون إليهم توزيع كميات اللحم والارز ومنها كان يتم التوزيع كما في مطاعم (السفري Delivery ) او ( كاتييه ) بالدنقلاوية .. لأن أهلنا كانوا يعتقدون - وربما كان إعتقادهم هو الصواب - أن المرأة لا تستطيع أن تدير أي مجموعة أو مناسبة وأن غياب الرجل يولد نوع من النزاع والخلاف الذي كان يعتبر وصمة وعار على العائلة او الساقية كلها .. فكان الحل هو في نوعية الرجال أمثال (احمد أمغد ) لقد شاهدته في كثير من ليالي جدة وأمام الملأ كيف يتعامل مع النساء بصرامة وحدة مقبولة من الآخر مما جعله متفرداً في إدارة أصعب مجموعة وأنجحها على الإطلاق في تقديم صورة رائعة عن السودان وعمقه وتنوعه وما قدمه ( أمغد ) للوطن لم تقدمه السفارة او المنظمات الاخرى الثقافية والرياضية وقد شاهدت له عروض في معرض الحارثي بطريق المدينة أذهلت الحضور ورفعت قيمة الوطن وصرت اتباهى وأمشى الخيلاء بين الناس وتمنيت يومها أن تكون لي عمامة كمال ترباس لألفت نظر الحضور بأنني سوداني .. وأكثر ما إستغربت له أن بعض الناس في جدة كانوا في مناكفة مع الرجل ربما لعزله منصبه وتولي هذه الوظيفة وإدارة الفرقة .. وما أكثر مثل هذه المكايدات في مجتمع جدة .. وأذكر أنني كنت يومها في قهوة الزمالك أيام السفارة القديمة حضرت جلسة فيها تقريظ ونقد لاذع وظالم لهذا الشخص .. ورغم أنني لم أكن أعرف بعضهم إلا انني شرحت لهم بأن هذا النوع من رجال من الندرة بمكان ولن يستطيع أحد أن يحل محلهم لأنها ليست وظيفة وجاهة او إدارة ولكنها تتطلب وجود قابلية وقبول زرعها خالق في بعض عباده ..
فإذا إتبع الناس الحكمة والفكرة والعمق المجتمعي لما حصل الكثير من الخلاف ..
شكراً أديبنا سيف أن فتحت لنا هذه النافذة ..

الكتابة أثناء الدوام مشكلة .. حتما تكون الافكار مبتورة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.......... يا سلام عليك يا ارتاوى علي احياء هذا الواوور التراثي لك التقدير وبالله واصل

[justify]

ولأنه ظل يتوهج في الذاكرة ويشرق في الوجدان فقد أدمن التسامح، وأنا أدمنت السفر لأني كنت أعرف أنه مهما ضاعت في دروب سفري الملامح فهو المسامح أبدا، لذلك مددت سقالة أشواقي أحمل على كنجالات الفرح مونة العشق عسى أن ابنى صرح اللقيا وأبلغ اسباب الطمأنينة والأمان، لكن السقالة كانت كالمزلقان لم تمكننى من أن أمر على سراطها كالبرق الخاطف أو كالجواد الجامح.. ثم وقفت أترنم:

راحت عليك

ما الدنيا كانت ضاحكة بيك

يوم كنت في الزمن الجميل

يوماتي بنوت الفرح تتحجى بيك

راحت عليك

والقمرة تتقدل حداك

لودرت كان هيمانة بالأفراح تجيك

فجأة ورحلت مع الغياب

ودروبي ما عرفت وراك

لا أنت في الذكرى المعاي

لا فتشت عينيك أبعد من مداك

كبّرت خطوك في الرحيل

وأهملت في جنة هواك والباقي يا هو الباقي ليك

راحت عليك

سيف الدين عيسى مختار

[/justify]

شاعرنا الأديب سيف الدين ..
كنت في شغف أن أقرأ لك حتى لو سطر واحد ..
هذه القصيدة من فصيلة الشعر الغنائي ..
,اعرف أنك ملحن .. فقط سوف تحتاج إلى مؤدي ( فنان )

تحياتي ..

( مشكلة المصطلحات - كنزية - محسية )



ليست هي كنزية او دنقلاوية وهي مصطلحات إستخدمها الاكاديميون والباحثون من غير الناطقين بالنوبية وهي مسميات يطلقها الآخر المتحدث بالعربية على هؤلاء الشعوب بدلاً من أخذ المسمى المستخدم لدى أصحاب الشأن .. وليس ذلك فحسب بل حتى عبارة ( محسية) هي مسميات عربية لمصطلح موجود في الواقع إسمه ( ماسي ) بدون ( حاء) لأن لا أساس للحاء في النوبية .. وإذا رجعنا لما أشرنا إليه من ( كنزية أو دنقلاوية) هي ( أندادي ) و (ماسي) وهذه المصطلحات ليست مأخوذه من كتب أو باحثين أكاديميين ولكن من أفواه النوبيين ( كما يقال سمح القول من خشيم سيدو ) وهي متادولة ومستخدمه من قبل دخول كنز الدولة إلى دنقلا العجوز
وسبب و إنتقال ( أندادي ) إلى ما بعد منطقة ( حلفا اليوم) هو أن الملك المسيحي في دنقلا عندما وطد دولته كانت العاصمة الدينية في (فرس) وتعرضت الكنيسة هناك لهجمات من قبائل جهينة وربيعة فأرسل بعض القوات إلى هناك كانوا متحدثين بما يسمى بالدنقلاوية ( أندادي) ثم جاء بعد ذلك كنز الدولة إلى دنقلا العجوز بعد سقوط الدولة المسيحية ومن الطبيعي أن يتحدث بلغة أهل البلد
ولأن الحكم كان كنزياً ( كنز الدولة ) وحاكمها (عبدالله برشمبو) فلا بد من نسب اللغة التي تحدث بها إلى إسمه فهذا أيضاً كان السبب في تسرب هذه اللغة إلى ما بعد نهاية المتحدثين بالمحسية .. والآن اليوم وبكل تأكيد وأجزم إذا سألت أهل دنقلا عن لغتهم قالوا ( أندادي) ولا يعرفون مصطلح الكنزية .. والمشكلة الكامنة في الباحثين اليوم أنهم يطلقون المصطلحات من أبراجهم العاجية أو الرجوع الانسان والجغرافيا والحضور الفعلي والتعامل مع موضوع البحث .. ونفس الأ/ر ينطبق على أهلنا ( المحس ) كما إذا سألت المحسي قال لك ( ماسي) وهذه المصطلحات هي المستخدمة في الاحاديث التي تدور ما بين النوبيين بلغتهم ولكن المشكلة في المخاطب العربي فهو يستخدم مصطلح (محسي ودنقلاوي أو كنزي) ولكن كما ذكرت يجب أن تؤخذ أصول اللغة من المفردات المستخدمه في نفس الحاضنة وليست من أفواه غير الناطقين .. وهنا يأتي دور الإعلام المصري الذي يسمي لنا الاشياء حسب مزاجه أو واقعه فنقبل به كما هو .. وكأنه مقدس فقد جاء مسمى الكنزية من مصر (حرف الزاي غير موجودة في النوبية إطلاقاً بل ومن الصعوبة للنوبي نقطها تماماً كما الحاء في عبارة محس ) وهذا المصطلح (كنزي) جاء من دوائر البحوث المصرية وهذا قدرنا بل إنطبق الحال كامل الوطن في تكوين أحزابه السياسية وإتجاهاتها ( الاخوان ، الشيوعية ، البعثية ، القومية ..الخ ) أما الباحثين وغالبيتهم من الناطقين بالعربية في السودان فحرفوا (ماسي) أو ( مسي ) بالاندادي إلى ( محسي) منسوباً إلى جدهم كما جاء في كتب العروبيين وإذا جاء الباحث المرحوم (عون الشريف قاسم) وعاش في المنطقة لمدة أيام كان سوف يخرج برأي آخر ولكن الرجل كتب معجمه من على البعد وفي زمن لم يكن فيه أجهزة التواصل الاجتماعي وهذا نموذج بحثي لا يعتد به .. والسؤال هنا هل كانت هذه اللغة موجودة قبل دخول العرب ؟ حتما نعم .. (مس) لفظ متفق عليه في كل الألسنه النوبية أنه يعني ( الانسان الطيب صاحب القيم وحتى الشكل الجميل ) .. وهي الترجمة التي تنطبق على إسم الفرعون (تحتمس) والمعروف عنه أنه كان حسن الاخلاق والسلوك .. وكانت دلالات الباحثين أن اسمه مركب ( توت مس ) أو ( تود مس ) تود معناه الابن أو الشاب و(مس) معناه صاحب الصفات الكريمة ( الشخص صاحب الكرم والاخلاق) وهنا لم يتطرق الباحثون إلى (حرف الحاء) ولم يتلفتوا اليها حتى بأي تبرير وكانها زائده هكذا ( او حرف غير منطوق كما في اللغة الانجليزية silent ) لأن هؤلاء الباحثين معظمهم لم تكن لديهم معرفة عميقة باللغة النوبية لأن المعايشة وحدها لا تجعل للشخص عمقاً في البحوث ..
وأجزم قاطعاً بأن لا فرق بين ( ماسي ) و(اندادي) لأنني أجيدهما تماماً .. والكثير من أبناء المنطقة التي تقع وسط الامتداد النوبي ( بدين ، كرمة البلد ، ارتقاشا ، السير ، وغرباً أكد وسروج ) يتمتعون بهذه الخاصية البعض بالفهم وبالبعض بالفهم والنطق .. فتجد حوالي 85% من الكلمات والافعال متشابهة تماماً فقط الاختلاف في التنغيم والنطق والقليل من مسميات الاشياء ..
الموضوع طويل .. وقد آن لنا أن نصحح بعض الهنات التي لحقت بالبحوث التاريخية

حاشية : ربما يلجأ البعض بأن جد المحس ( من اصل عربي - محسن - أو ما إلى ذلك ) ولكن اصل تسمية (ماسي) قبل دخول العرب وقبل تزاوجهم مع النوبة .. لأن (ماسي) لم ينسب إلى جد .. فالنوبة لم يكن ينسبون إلى أجدادهم كما العرب فمن الخطأ إسقاط نظرية السلوك العربي على النوبة .. لأن الحكم والقداسة والرفعة كانت لدى النساء حيث كانت الانثوية فيها إجلال يرقى إلى مستوى التقديس لأن إعتقاد النوبي الذي نشأ من التأمل كان يعتبر أن الأرض هي أيضاً أم لأنها حاضنة طاعمة (تجلب الطعام ) .. وهي قيمة الأرض في كثير من الديانات حتى عندما بغت بعض الشعوب عوقبت ( بأخرجوا منها ) أو أبعادها عن أمها ، وهذا التشابه هو الذي جعل النوبي يعلي قيمة الأم وجعل الأرض مساوية لها .. ومن هذا المنطلق لا تجد لدى النوبيين ( بنو فلان ) أو ( بنو علان ) فقد درجوا بالتسميات المرتبطة بالارض ( كما دنقلا ) .. او المرتبطة بالقيم والوصف ( كما في مسي ) ..
للموضوع بقية ..

الأخ علي
سنعود الى الواوور من جديد فمن المؤكد أن ما نخطه على صفحات هذا الواوور تجليه الأيام أكثر وأكثر، فأنا عاكف هذه الأيام على مطالعة موضوعات الواوور، في البداية كان الهدف محاولة منهجة الموضوعات حتى أعدها للنشر في كتاب، ثم أصبحت أجد متعة كبيرة في اعادة قراءة ما كتبناه، وكأني أقرأ ما كتبته قبل سنوات لأول مرة، أو كأن شخصا آخر هو الذي كتب. وأنا على يقين من أنني لو حاولت كتابة ذات الموضوعات مرة أخرى لما استطعت الى ذلك سبيلا، فالظروف اختلفت والرغبة اختلفت والقدرة انهارت، لذلك أحمد لك أخى علي أنك فتحت شهيتنا للواوور مرة أخرى حتى نحلب بقية ما تبقى في ضرع الذاكرة من حكاوي يجب أن توثق، فما يزال المشروع الذي بدأناه لم يكتمل بعد وهو يحتاج الى كثير من المراجعة والاضافة. والدعوة لبقية اصحاب هذا المشوار الجميل أن يعيروا الواوور بعض الاهتمام وان لا تشغلهم (القروبات) والواتساب وهلم جرا.
الخاطرة الأخيرة التي شاركت بها في الواوور كتبتها وأنا تحت تأثير الأغنية الرائعة للفنانة أسرار بابكر (راحت عليك) وهي من كلمات الشاعر المجيد اسماعيل الأعيسر ومن ألحان الموسيقار محمد حامد، وللشاعر الأعيسر خمس مجموعات شعرية هي " بكرة العيد .. أغنيات العشق والوطن" و"فرح أتى " و"أغنيات منتصف الوردة" و"عاش من شافك" و"عمر أتى" وقد تغني له اضافة الى أسرار بابكر عدد من الفنانين الكبار منهم الهادي حامد، ومحمود عبد العزيز، ويمتاز شعره يحلاوة النظم، والعمق وجمال العبارة تأمل هذا المقطع:

يا بِت من قهوة
وشِدرة شوق.. نشوان
أمبارِح شفتِك
ترسمي في جُدران الشمِس البرّاني
حروف نديانة.. ونيل سوداني
وشفتِك لابسة -المُغرِب- توكة.. وتوب جيران..

تامل أيضا ان شئت هذا المقطع الرائع:

أنا ضاريتك من الزيفةواتحمدتك وردة وجدول
أنا هميتك طلة بكره
ونبض العشق المنك طول
واتوصيت الغيمة الشاردة
تعبر بيك الزمن الأجمل
واسي خطاك الوعدت بعدت
وفجر الأمل إتأخر طول
وأنا بينات الشوق والحسرة
راجي صباحك زي بالأول

والفنانة أسرار بابكر ذات أحساس جميل وحضور رائع في أدائها، ومن بين ركام الأصوات النسائية التي تعج بها القنوات الفضائية، يتميز صوت أسرار بابكر بالابتعاد عن أغنيات البنات وتقديم المعاني السامية التي ترتفع بالوجدان الى أعلى درجات الروح بدلا من الانحدار بها الى أدنى حركات الجسد كما هو الحال عند بعضهن. ولعلي لو أجريت مقارنة بسيطة بين أغنية (راحت عليك ) لأسرار بابكر ، وأغنية راحت عليك عند الجسمي وغيره من الفنانين العرب نجد البون شاسع بين التناول السوداني لهذا المعني عند الأعيسر وتناول الأغنية العربية الأخرى لها تأمل هذا المقطع من أغنية الجسمي:

يا قلبي شفت انته آخرها ...
هذا اللي جالك من خيرها
راحت يا قلبي عليك ... تعيش تعيش وتاخد غيرها
خفت عليك من عيون الناس ...
اعطيتك قلبي والحب اللي فيا
يا قلبي شفت انته آخرها ... هذا اللي جالك من خيرها
راحت يا قلبي عليك ... تعيش تعيش وتاخد غيرها

ولعلنا لو قارنا مثل هذا الكلام بما قاله الأعيسر لكانت المقارنة مجحفة حقا، فتأمل ..

أخي علي .. كتبت هذه المداخلة على سبيل الاستطراد. وسأعود للتعليق على مدخلتك الأخيرة التي تهدف الى تصحيح الكثير من المصطلحات التي يلوكها البعض دون تمحيص أو تفكير..

سيف الدين عيسى مختار