الاخ علي عبد الوهاب عثمان ضيف الكرسي الساخن

الأستاذ الآرتاوي

الأستاذ القامة بقامة نخيل بلادي

مشرف ومنور الكرسي الساخن ووو أمبس

وأن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي

جئت لكي أصبح عليك(سيرنبيكونا)

وأسأل:

1/ أذكر عادات بادت وإنتهت في مجتمعنا في البلد تتمنى ان تعود؟؟

2/ الفرق بين جيل زمان وجيل اليوم؟؟ وفي أيهما تثق أكثر؟؟

3/ ناس آرتقاشا متعقدين وما بيناسبو الناس ولا بيخلو زول غريب يناسبهم! بماذا تدافع عن أهلك؟؟

4/ نادي آرتقاشا من الأندية العريقة في الولاية الشمالية إختفت من الساحة الرياضية لتمثيل الولاية في الممتاز؟؟السبب؟

5/ إن لم تكن من قاشا لأي المناطق تتمنى ان تنتمي؟؟

قـــاشا ســـلاما صـــلاة النبي..........أرمـلي سلامة صلاة النـــــــــبــــــــــي.....أرندي ســلاما ......عدونتودي سلام ...صلاة النبي!

سملتود أمبس .. إرسييه .. حليل المنتدى .. كلو من الواتساب ..

ساب ,, وكونج .. أتشرف كثيراً ان أجيب على أسئلتك .. شوق بحر ..

طيب نبدأ ..

وأسأل:

1/ أذكر عادات بادت وإنتهت في مجتمعنا في البلد تتمنى ان تعود؟؟

لو كان الخيار لي .. لأعدت كل العادات والتقاليد .. في السماية والزواج والطهورة والنفاس والمأتم والافراع والفزع .. كل اشياءنا أصبحت بدون عمق وتأصيل وبدون طعن ولون ورائحة .. اصبحت مرتبطة بصناعات الصين وكوريا ومصر .. بالنسبة لي ووو سمل أمبس .. ما مقتنع بالحاجات دي أصلاً .. شوف الشعوب الراقية متمسكة بعاداتها .. الملكة اليزابيث .. شوف زواج أحفادها .. يا أخي حتى سيارتها .. شوف مكتب رئيس الوزراء البريطاني 10 دواننغ إستريت من مئات السنين .. نحن فقدنا هويتنا ..

2/ الفرق بين جيل زمان وجيل اليوم؟؟ وفي أيهما تثق أكثر؟؟

اللوم علينا نحن وجيل اليوم حسب العصر .. ولكن نحن كأباء وأمهات كان لابد لنا من إطلاعهم على بعض العادات والتقاليد .. جميعهم سواء مواليد الغربة والسودان العاصمة والاقاليم .. التطور مطلوب .. والانفتاح مطلوب ولكن لنترك لهم في بؤرة شيئاً من العادات والتقاليد لتكون مرجعية لهم كما جميع الامم في المناسبات تستحضر ماضيها وتاريخها ولو للحظات .. لأن الاصالة هي منبر الذي ينطلق منه ذات لمخاطبة الآخر ..

3/ ناس آرتقاشا متعقدين وما بيناسبو الناس ولا بيخلو زول غريب يناسبهم! بماذا تدافع عن أهلك؟؟

سمل أمبس ده كان زمان .. هسع الأمور جاطت .. أيام الجزر المغلقة .. أيام المراكب كاسحة ما دام ريحنا نو .. اليوم البر والجزيرة سيان .. كهرباء وتلفزيون .. ما عارف مسلسل الملكة جانس .. واتساب جوالات حديثة .. بعضهم باع العجل والبقرة عشان يشتري جلاكسي ..

4/ نادي آرتقاشا من الأندية العريقة في الولاية الشمالية إختفت من الساحة الرياضية لتمثيل الولاية في الممتاز؟؟السبب؟

كان قبل سنوات قليلة ( قاشا ) مثلت الشمالية في دوري السودان .. ولكنهم لم يخططوا لتواصل الاجيال .. أها بقوا المناطق الاخرى تهتف ضدنا ( قشا غرق .. والله غرق ) معاهم حق .. حالياً نحاول إعادة الفريق ولكن المشكلة في المواهب بقت نادرة .. لكن النادي ما زال إجتماعياً وثقافياً له السبق في البرقيق .. وخاصة مع زخم المحلية .. كانت هناك أغنية جميلة ( قاشا بلالي ... فريق أرتقاشا بلالي ) ..

5/ إن لم تكن من قاشا لأي المناطق تتمنى ان تنتمي؟؟

سمل أمبس .. أحب الجزر كبيئة وبشر .. أي جزيرة خاصة مراوارتي هي بؤرة إبداع إنجبت جلال الشاعر ( شكسبير النوبة ) بالمناسبة هو الايامات دي معانا في جدة جاي عمرة .. وكمان بلد يوسف الموصلي .. وأنا تواصلت معه في أمريكا ويعتز جداً بأصوله .. الجزر حلوة والمجتمع فيه مترابط وكل يعرف آخر تماماً أصلاً وتاريخها .. وفي عقدة كتاب مفتوح .. عشان كده الحياة فيها صادقة وجميلة .. لدرجة تعرف الزول ده فطر بي شنو ..

قـــاشا ســـلاما صـــلاة النبي..........أرمـلي سلامة صلاة

معظم هذه الاغنيات من شعر اخي محمد عبدالوهاب .. شوف القيم كيف الدعوة لجميع الناس ( إبن العدو) يعني لا تزرو وازرة وزر أخرى .. القيم النوبية وإعمال العقل والموروث الديني .. حتى الدعوة بالسلامة للكلب الذي يأكل من الزبالة ( ويل أوبرتير سلاما ) .. مودتي .. سمل

والتحية كمان للأستاذة شيماء .. صاحبة الفكرة

النـــــــــبــــــــــي.....أرندي ســلاما ......عدونتودي سلام ...صلاة النبي!

أرتقاشا من المفترض أن تكون ضمن كتاب جينيس للأرقام القياسية .. لأن الساقية النوبية الوحيدة التي تعمل في العالم في ارتقاشا ( قارفي نارتي ) وهي ساقية عمنا كنتود .. وتظهر كثيراً في التلفزيونات السودانية ولكن حق الرجل مهضوم بالكامل ..

آسف للاخطاء الاملائية .. الكلام ده بدون مراجعة ..

شكرا للأستاذة الشيماء أن خصصت الكرسي الساخن لأستاذنا على عبد الوهاب عثمان، وهي أرادته كرسيا ساخنا في عصر التجمد الفكري والثقافي، ليس كرسيا دوارا، أو كرسي دراسات اكاديمية، ولكنه كرسي من (جضل) شجرة سنط على الشاطي أو من (أومبك) نحلة على الجدول، يسمح بمرور الهمبريب على الأغصان الوارفة فتنثال الذكريات من فضاء سرمدي ومخزون مدرار، وينفتح أرشيف اللاشعور على مصراعيه. الشيماء أرادته كرسيا ساخنا ولكننا أردناه كرسيا من نار تحرق ذاكرته الخرافية حتى يتطاير منها شرر الذكريات الدفينة، فذاكرة على عبد الوهاب مثل العود يزيده الاحراق طيبا، أو كالذهب تجلوه النار وتزيده لمعانا. فليسمح لنا على عبد الوهاب بالجلوس على كرسي من شواظ، فلربما أعانه هذا الكرسي حينا من الدهر، وأن لا يجعل منه بديلا لكرسي المختار بن أبي عبيد الثقفي الذي جعل منه تعويذة دجل يقوي بها عزيمة مقاتليه، وأصل حكايته أن أحد تجار الزيت بالكوفة رمي كرسيا في مقلب القمامة بعد أن تلطخ بالزيت، فأخذه أحد أتباع المختار الثقفي قائلا له أنه الكرسي الذي كان يجلس عليه الامام على بن أبي طالب، فأخذه المختار وكساه بالديباج وأصبح يحمله معه في كل معركة مدعيا بأنه كرسي الامام على كرم الله وجهه الذي يجلب النصر، فانطلت الحيلة على الناس في بادئ الأمر، ثم ما لبثوا ان اكتشفوا الخدعة الكبرى الني خدعهم بها المختار الثقفي.

على هذا الكرسي الذي يبخ الهجير ستأتيك أسئلة من لهب، فلعلك باخع نفسك أن أفسدوا لك قولا حركت به لسانك ذات ليلة ليفقهوا لك قولا، ولكنك حين أدركت بأن الخيول تركض في السديم، قلعت اوتادك وأويت الى الاسفير يعصمك من طوفان عشق غامر لذلك الذي قصر شعره على الأمواج المتلاطمة بين قاشا ومروارتي وقد أفسد عليك الغاوون رقصة بلا ساق في حضرة من تهوى، أهي الأشواق التي عبثت بك؟ أم التحديق في الهولاميين؟ وحين قرأت لواسيني الأعرج قوله " تتشكل في الاسم الثلاثي أشكالنا وأفراحنا وخيباتنا وفجائعنا أيضا. ستون سنة مضت من العمر وبعض السنوات. ستون سنة والكثير من الأسئلة المعلقة والأشواق المسروقة المتراوحة بين الفرح والخيبة. لكن كلها تصنع الذوات التي نتحرك من خلالها اليوم، ونواجه بها زمنًا قاسيًا ويتعامل الناس بها معنا0على خدي يرتسم الكثير من نمش الطفولة المتجمع بشكل مكثف على الخدين الذين يحمّران بسرعة كلما أجرى، أو كلما انتابني خجل طفولي. ما أزال إلى اليوم ألعب متخفيًا بظلال العمر، تحت خروبة الأجداد التي قاومت الزمن ولم تنحن. استمتع بشجر اللوز كنحلة. أدفن أنفي الصغير في الوسائد القديمة التي تتجمع فيها كل الألبسة غير المستعملة. أستخرج الرثة جدًا، وأصنع منها كرة ثقيلة، أشدّها بخيط الكتان. ألعب في فراغ الساحة وحيدًا، قبل أن يتجمّع بقية الأطفال، ويصبح اللعب ركضًا في كل الاتجاهات. لا تهمّ الأهداف ولا المرمى. في الفجر أقوم من فراشي وأخرج من البيت بألبسة ممزقة. يجتمع الثلاثة على جسدي الهش: الظلمة والخوف ورجفة البرد والثلج. أركض نحو المدرسة القرآنية، أتعلم كلام الله، ولغة الأجداد الممنوعة رسميًا)، لو استبدلنا شجرة اللوز في النص أعلاه بشجرة سنط ضخمة أو شجرة لبخ، واستبدلنا الثلج بقيظ الهجير وأسراب النمتة، فهل هذا نص كتبه واسيني الأعرج الجزائري أم على عبد الوهاب الأرتاوي؟

ألا نضر الله وجه واسيني الأعرج حين أدرك أهمية الحاضنة الأولى في توجيه مسيرة المبدع فحرص على زيارة أمبكول قرية الطيب صالح ووقف على قبره بأم درما ليقول:(المقابر متاحف القلب وذاكرة من نحب. عندما نمر على مدينة نعرفها، أو سمعنا بها، نتذكر ضحكاتهم ونقف بأجلال أمام ميراث أحزانهم وأفراحهم، وننحني أمام سكينتهم الأبدية. نتأمل الشواهد القلقة ونقرأ الفاتحة ثم نلتفت نحو ملتقى النيلين ونتمتم بخشوع، ما يزال في الحياة متسع للنور)

على عبد الوهاب علامة مميزة في دنيا الثقافة النوبية، والدنقلاوية على وجه الخصوص، ما تزال ندواته في منتديات جدة وكتاباته الغزيرة والعميقة في الوسائط الالكترونية المختلفة تساهم بقوة في تشكيل وعي الانسان النوبي ، وترجمة واقعه الخاص والعام، ترجمة نابعة من مجده التليد وحضارته الأصيلة، وإنسانيته الخالصة؛ لذلك فهو مهموم دائما بمواجهة التحديات التي تواجه انتشار الثقافة النوبية واسهاماتها في الثقافة السودانية ، ومشغول بتجسيد واجهة توبية مشرقة وحاضرة في منجزه الثقافي.

على عبد الوهاب له مشروعه الثقافي الذي يبشر به بين بسطاء الناس على مقاهي الحارة بجدة، تماما كما فعل المفكر الجزائري مالك بن نبي عندما توجه بمشروعه الى طبقة العمال الجزائريين البسطاء في جنوب فرنسا قبل أن ينتقل الى مصر عام 1956م لتجد أفكاره التنويرية صدى كبيرا هنالك

يدرك على عبد الوهاب أن واقع الوجود الدنقلاوي هنا قد ترك عنان العمل العام لغير أهله ، وهو واقع مليء باليأس، فهل نجح على عبد الوهاب في التغلب على اليأس، وهل عرف لمن يكتب،؟ وهل سيأتي يوم ما يمكن أن يكون لما نكتب معنى؟.

التحية للاديب الأريب سيف الدين عيسى مختار .. بالله عليك ماذا اقول بعد حروفك .. أجزم أنني لو حاولت أن أضيف شيئاً سوف أشوه نضارة هذه الكلمات التي لا تصدر إلا من مبدع أوتي جوامع الكلم .. حسناً أتيت بسيرة هؤلاء مالك بن نبي هذا المفكر الذي أدخلني في عالم لم أخرج منه حتى يومنا هذا وكأنك عرفت منحى حياتي وحرضتني على القراءة لهذا المفكر الذي أحسبه يضاهي إبن خلدون .. ثم الاديب وأسيني الاعرج والذي كنت محظوظاً أن أحضر له ليلة في إثنينية عبدالمقصود خوجه .. ودائماً ما أكرر مقولة (أن هذا المغرب هو مشرق شمس العرب أدباً وفكراً وفناً ومعرفة ) .. اخي سيف أنت من فتحت لنا نوافذ المعرفة والبحث وأخذتنا إلى هذا العالم البديع لك الشكر وإمتنان ..

هذا جزء من خواطري عن ليلة واسيني في جدة :

فنحن في السودان رغم البعد الجغرافي للمغرب العربي والقرب الجغرافي للمشرق العربي والتأثير السياسي والثقافي من الجوار المصري ، نجد أن هذا المغرب هو الأقرب إلى الوجدان لأن منتوجنا الأدبي لم يجد الانصاف والقيمة الحقيقية إلا في ذلك المغرب القريب البعيد ، فكان تكريم الروائي الطيب صالح في اصيلة وأطلاق إسمه على الشوارع في بعض المدن ، والدكتور عبدالله الطيب الذي وجد التكريم والتفرد في حسنية الملك المغربي ولم نعرف المفكر والاديب أبوالقاسم حاج حمد إلا عندما جاءتنا بشرياته من المغرب العربي حتى الغزو والاحتلال الذي أتى من المغرب العربي كان له بشرياته نتاجه الأنفع للمشرق من أي فتوحات أو غزوات أخرى إذا استثنينا الفتح الاسلامي الأول ، فمثال الفاطميون وقائدهم جوهر الصقلي الذي أول ما بدأ تأسيس القاهرة بالأزهر كأول صرح علمي جامع في المشرق على خطى القيروان وجاء ذلك في سياق خلاف الفكري والعقدي مع بغداد وبغض النظر عن إتجاه هؤلاء كعلويين أو شيعة فإن إقامة هذا الصرح العلمي الضخم أضاف للشرق الكثير أما تلك الغزوات التي أتت من الشرق فلم يجني منها مصر إلا الخراب والهتك وأحسب أن المفكر مالك بن نبي كان صادقاً وقارئاً حاذقاً حين وصف تلك القرون من الحكم التركي بسياسة الدروشة لأن الغزو كان خالياً من أي إتكاءة فكرية أو رسالية بل جنحت إلى الشوفنية والسلطوية لإشباع الغريزة ، لم يأت واسيني بهذه القراءة أثناء إجابته عن المشرق والمغرب لأن الزمان والمكان والمقام لا يطلق العنان لأفكاره ولا يساعده في الاندياح بذات الفكر والقيم التي يحملها في دواخله وكأني تحدثت على لسانه لأنني من فرط تفاعلي معه ذهبت إلى درجة أنني تقمصت شخصيته ومن الدواخلي بدأت أتلقى حديثه الفكري بعمق وأضيف إليه من ذاتي ما قام ببتره مراعاة للمقام ، فالفكر لا يجوز حبسه وكبته داخل أي إطار حتى لو كان إطاراً مذهباً مرصعاً باللؤلؤ والماس ولهذا لم يستطيع واسيني أن ينداح حتى النهاية ، وعندما تحدث عن الأمة العربية ومستقبلها توقف في أواسط الوسط مع إيحاءات بعدم توفر مناخ الحرية والإبداع وإستعان بتاريخ أمريكا الحديث وتحدث عن الهنود الحمر كأمة منقرضة ثقافياً وإثنياً وأحسب أنه جاء يهذا النموذج الذي يثير الخوف والفزع ليصور للحضور هول الموقف والواقع المزري للعرب , ولمواصلة التفاعل الخفي بيني وبين هذا المفكر العملاق أخذت استحضر مالك بن النبي وآخذ من معينه لبلورة الرأي النهائي هو أن الأمة العربية هي أكثر الأمم في الأرض لديها قابلية الاستعمار فهي التي تقدم الاغراءات المثيرة للآخر القوي ليأتي بجحافله إلى أرض العرب ثم تدخل بعد ذلك في تقليد المهزوم لثقافة المنتصر ، وهذه ربما تكملة لما كان يدور في خلد واسيني ويصف حال العرب وأن نهاية التاريخ لدى العربي سيكون هو نفس مصير الهنود الحمر .. فالحل والمفتاح السحري الذي قدمه للحضور هو الفكر وأن يكون الاطار الفكري هو الداعم لكل حركات الانسان لأن الخواء يولد العنف والكراهية وعدم التسامح مع الآخر وهي الإرهاصات التي تبدو مثار نقعها في الأفق البعيد بل وبعض بوادرها أصبحت في المتناول في بؤر من الوطن العربي ، وحنكة واسيني تظهر جلياً في إستحضار النماذج الحية للشخوص والرموز كمثال يحتذى ، فقد أتى بالثائر الامير عبدالقادر الجزائري ورغم أنه من خلال كتابه ( الامير) أفاض واستفاض في سرد حياة الأمير عبدالقادر ولكنه في هذا المقام كان لزاماً عليه أن يجسد شخصية هذا الأمير بصورة بعيدة عن الفرسنة والقوة والشجاعة خارج الرمزية المعتادة (السيف والخيل ) وجاء بشخصية الأمير عبدالقادر في إطار الحداثة والتسامح وفي نموذج الشخص المعتدل الذي يقبل الآخر بل ويجعله تابعاً له بحسن المعاملة وقيم التسامح ، فحين أورد في كتابه قصة ذلك القسيس الفرنسي الذي لجأ إلى الأمير لإطلاق سراح أحد الضابط الفرنسيين الذي كان معتقلاً لدى الثوار لأن زوجته الفرنسية جاءت إلى الكنسية مكشوفة الصدر .. أطلق سراح الضابط المسجون مراعاة للجانب الانساني بغض النظر عن خطورة هذه الخطوة .. فقد تكرر الحدث بعد أن سلم نفسه للجيش الفرنسي فداءاً لأهله ، جاءه الخلاص من ذات القسيس الذي كان يتمنى للأمير أن يدخل المسيحية وكما كان الأمير بدوره يتمنى دخول القسيس إلى الاسلام ، فقد صور واسيني شخصية الأمير على عكس النموذج العربي للفارس - الموشح بالسيف والرمح - بشخصية المتسامح والمحب للآخر وربما أراد ان يبلغ رسالة يمكن معها تغيير الصورة النمطية للفارس أو القائد في مفهوم الانسان العربي بأن الفارس ليس هو القوي القاهر بل هو ذلك الذي يتسلح بالعلم والمعرفة والفكر والقيم الانسانية وأن نمطية النوع التقليدي من الفرسان قد تجاوزها الزمن والواقع ،
وفي سياق الحديث عن بداية تكوينه المعرفي لفت إنتباهي حديثه عن قصة الف ليلة وليلة وتأثيرها عليه وخاصة أنه تناول الكتاب - عن طريق الصدفة وعدم معرفة - من المسجد الذي كان يقرأ فيه القرآن فيروي أنه كالعادة ذهب إلى المكان الذي تتكدس فيه أجزاء القرآن في المسجد ولم يجد إلا هذا الكتاب وكان مازال يافعاً وأخذ الكتاب على أساس أنه قرآن وحفظ منه فقرات وظل يقرأ فيه حتى أتى إلى حلقة الدرس وعرف أنه كتاب مختلف وليس قرآناً .. ومن فرط إعجابه بالكتاب كان قد سرق الكتاب من المسجد بعد أن أرجعه ومازال محتفظاً به حتى اليوم فكانت أول وآخر حادثة سرقة في حياته ومقابل ذلك قام بترميم المسجد وتجديده في قريته في الجزائر ، سؤالي هنا هل مازال معجباً بكتاب الف ليلة وليلة أو أن ذلك الإعجاب كان في تلك المرحلة من العمر وأحسب أن إثارتي لهذا الموضوع لم يأت من فراغ لأن المفكر الجزائري مالك بن نبي أخذ قصة ألف ليلة وليلة كمنوذج لإنحطاط الفكر العربي والذي بلغ الدرك الأسفل ما بعد عصر الموحدين فكان خفوت الفكر والادب الراقي وراجت معها قصص وحكايات الف ليلة وليلة ،
ومن خلالي الليلة كان طيف الطيب صالح حاضراً في ثنايا مداخلات واسيني خاصة عندما تنقل في أزقة الحارة التي نشأ فيها وصور راكبي الحمير وجسد شخصية جده بكل دقة وكذلك في وصف جدته تلك المرأة القوية الشخصية والبعيدة النظرة والتي كانت واحدة من أهم أسباب تكون هذا المبدع وكذلك عندما قدم صورة من نضال أمه .. فطريقة الطرح والإمعان في الغوص في نقل تلك الخصوصية التي تدهش الآخر المستمع أو القاريء هي السمة التي أورثها الطيب صالح للمبدعين من بعده ، ولم يكن وقوفه على قبر الطيب صالح عند زيارة للسودان ترفاً أو مظهراً سطحياً بل إجلالاً لهذا العملاق الذي أبتدع طرقاً ومسارات للابداع غير مسبوق .. ورغم أن مقدم الندوة لم يذكر جائزة الطيب الصالح التي نالها واسيني إلا أن طيفه كان حاضراً في الندوة وهذا هو القرب الوجداني ووحدة التصوف والتواصل الخفي ما بين بلاد المغرب والسودان ، ورغم توهج هذه الليلة الفكرية وبلوغها الذروة خاصة عندما كان ينداح واسيني بعيداً عن كل خطوط الطول والعرض إلا أنني قد أخذت على البعض إغداق هالة من الألقاب مثل ( لفظ سعادة الكاتب ) وتكرار عبارة ( سعادتكم ) ولا أدري كيف تسللت هذه العبارات إلى الساحات الفكرية والمنتديات لأن فيها تحجيم لفكر المبدع ويخرج الحدث من المضمون الفكري إلى عالم من وجاهات والبروتكولات الجافة التي تقود إلى التراتبية وتنميط شخصيات الحضور ولم تكن هذه الألقاب متناغمة مع تصرفات واسيني ولا حتى مع زيه البسيط الذي توشح بشال أسود وقبعة وبدلة سوداء عادية بدون ربطة عنق وجلسة عادية دون تمدد إو إتكاءة إرستقراطية فمن الخطأ وضع أمثال هؤلاء المبدعين في مثل هذا الإطار كما ذكرت سابقاً حتى لو كان ذهبياً ومرصعاً باللؤلؤ والماس فالمبدع لا بد أن يطلق حديث كما يشاء وعلى عواهنه لأن هذا الاندياح هو الذي يسمح لنا بقراءة حقيقية للمبدع ..

الاخت شيماء والكرسى الساخن.................... كانت حلقات تو ثيقية ممتازة مع مجموعة من القيادات الدنقلاوية........التحية للاستاذة شيماء ارجو منها التواصل