افطار مصابيح الفرح .. التحية لأنور عبدالله

افطار مصابيح الفرح .. التحية لأنور عبدالله

فطور مصابيح الفرح جمال الموقع وحسن الضيافة والتنظيم الرائع:
أكثر ما نال إعجابي هو اختيار المكان للفطور والسبب هو تلك المجموعة الهرمة من النخلات ورغم أنها ليست باسقة ولا قامتها سامقة وتعلوها الكثير من العلل مما جعلها تبدو ذابلة وكئيبة المنظر .. فلها وقع في النفس .. وقد تفيأت ظلها لأنني وصلت إلى مكان الفطور مبكراً ومن حضرة الكفيل مباشرة .. وظللت أراقب هؤلاء الشباب ونشاطهم في تنظيم وتهيئة المكان وتوزيع الطعام على عشرات الطاولات .. والقائد الهمام أنور يشرح لهم كل صغيرة وكبيرة لانجازهذا العمل المضني .. وأثناء جلوسى على الكرسي الوثير وتحت ظل النخلة بدأت أستحضر حربي الضروس ما بين الجوالي الحالي أبوكشاف والآيفون .. ورغبة إبنتي الصغيرة التي تردد دائماً ( يا بابا ما تحرجنا قدام الضيوف بجوالك ده ) .. وأخيراً أتخذت القرار الحاسم قبل أسبوعين لأتخلص من جوالي العتيق (أبوكشاف) لأنه كان سبباً في ابتعادي عن التجمعات الثقافية والاجتماعية في مدينة جدة وأدخلني في عزلة لا نفس راضية بها .. وكنت قد سمعت عن تخفيضات في هواتف هواوي وبما أنني خالي ذهن في هذا المجال فقد أوكلت إبنتي للقيام بهذه المهمة وفي دقائق معدودة تواصلت مع جهات التسويق ووصل الجوال إلى منزلنا حتى باب الشقة .. شكراً (للأمورة الحليوة ) .. ولكن هكذا حظي العاثر فقد أصدر التربال ( ترامب) قرار بحظر هواتف هواوي وخرج علينا قوقل بكلام لم أفهم منه شيء .. ورغم ذلك ما زال حبي للامريكان يفوق الوصف لقد عملت مع الجيش الامريكي في حفرالباطن لسنوات طويلة .. ديل أحسن ناس لا رئيس لا مرؤوس لا كفيل وبحقوق كاملة .. مقبولة منك يا ترامب .. وسوف أفعل الجوال الجديد في الايام القادمة ... بإذن الله ..
كل هذه المقدمة لأنني أكتشفت أن الآيفون مهم في مجال الاخوانيات والتواصل معهم وتسلم الدعوات ومعرفة مكان العزومة .. لوكيشن ( وهذا هو الأهم ) .. لأن ذاكرة الأمكنة عندي خربة .. وهذا ما كان يدور في خلدي وأنا جالس في ظل تلك النخلة الكئيبة أتأمل في حماس ونشاط شباب مصابيح الفرح .. ولولا جهد الزول الاصيل ( كايل ) وحرصه على جمع شمل الاخوان ( مش الكيزان) لتخطيت مرحلة العزلة إلى سبات أهل الكهف .. هكذا أهلنا في زورات يقدمون لنا في كل مجال حكمة .. وهذا سيف الدين عيسى إبن زورات قد زاد من وهج مصابيح الفرح فقد أثرى الليلة بمحاضرة دينية وشرح عميق للقرآن الكريم بطريقة السهل الممتنع وكيف لا وهو تلميذ الدكتور عبدالله الطيب الذي كان يتابعه الوطن بأكمله هو والقاريء الشيخ صديق أحمد حمدون لأنه بسط معاني القرآن وجعله في متناول الجميع .. وأرى أن تلميذه سيف الدين يسير على نفس النهج على العكس هؤلاء المتسلقين من الشيوخ الذين يرفعون حناجرهم بالتهديد والوعيد والموت وكأن هذا القرآن ليس فيه غير تلك المعاني التي لا يتعمقون في شرحها ومدلولاتها فتجلب الرعب واليأس إلى قلوب الناس وبسبب هؤلاء القوم انفض كثير من الشباب وابتعدوا عن تلك المجالس بل إن بعضهم خرج عن السياق العام إلى عوالم التشدد والتطرف وقلة منهم ذهب إلى أبعاد تقترب من الالحاد ..
وتوالت المداخلات من المنصة التي أحسن ترتيبها شباب المصابيح بالإضاءة ومكبر الصوت وأفتحتت بآيات قرانية من الشيخ شريف حاكم المعروف بتلاوته المؤثرة وصوته الفخيم .. ثم كانت أبيات من شعر أهلنا الشايقية والشاعر شادول الابن الذي جعلنا نوقد مصابيح الذاكرة لإستحضار شادول الاب حفظه الله .. ثم تلاه ذلك الخطيب البارع المفوه الاخ سيد بحضوره الزاهي .. والرجل القامة شيخنا قرشوم الذي أفضى لنا كعادته بأرتال من عبارات التسامح والتواضع والتي هي السمة الغالبة في شخصيته بل في تكوينه .. ثم جاء دور الزعيم حاتم .. والذي كنت أمازحه في طريقة لبسه (اللوك) فقد خرج من وعثاء الجلابية والعمة المشغولة وتلك العصا التي كانت شعار ( الانقاذيين) ولكن مازال حميدتي يهش بها على البشر .. وأعتلى المنبر وتحدث بأسلوب هاديء وجذاب .. وعلى مدار ليالي رمضان لاحظت أن أسلوب القيادين في تجمعاتنا قد تغير إلى نوع من التسامح والتسامي فوق المنغصات والشخصنة وهذه ظاهرة جميلة لا بد من التوقف عندها كثيراً.. وأقول للاخ حاتم ربما سئم الناس من الزي التقليدي الذي شوه الابصار لمدة (30) عاماً .. أنني لاحظت أن بعض أعضاء قوى الحرية والتغيير قد أتوا بــ (لوك) جديد ذلك القيادي الشاب ( التاج ) بشعر بوب مارلي وكذلك أردول بخرز حول عنقه إلا ياسر عرمان الذي إرتد إلى الجلابية والعمة والشال المشغول .. ولكنني بصراحة فقدت صاحب أجمل عمة تفوق فيها على ترباس وحسين خوجلي وهو شاب إسمه عبود جابر لا اعرف وظيفته في الحكومة السابقة كان عضو في الحوار الوطني كنت أتحرى نشرة الاخبار لأشاهد تلك العمة الفارهة .. ثم كانت فقرة ذاك المادح الرائع الذى يثري ليالي جده بالمديح النبوي وبصوته الجميل وكلماته المؤثرة .. هذا الصوفي الذي يسمو بنا إلى أجواء البسط الروحانية وفضاءات فوق تصور البشر .. شيخنا الكباشي .. وشكراً لأهلي الكبابيش الذين أهدونا هؤلاء النفر الكريم المادح الكباشي وفاكهة ليالي جدة أمير كباشي وفي التلفزيون الناطق الرسمي الكباشي .. ومع قرب أذان العشاء إنفض سامر الحفل وجلسنا في مجموعات نتجاذب أطراف الحديث .. فجمعتني الجلسة مع سيف الدين عيسى والزول الجميل احمد أمغد بحديثه العفوي .. وذلك الشاب عبدالله الذي تولى رئاسة الجالية السودانية .. يبدو أن العهد أصبح حصرياً للشباب ولم لا فقد نجحت التجرية بجدارة في اثيوبيا بقيادة الشاب ( آبي أحمد ) وقد لاحظت أن هذا الشاب عبدالله ملامحه قريبة من الرئيس الاثيوبي الشاب آبي أحمد .. وأجمل ما فيه تواضعه الجم وأحسب أنه سوف يسير على نسق شيخنا الجليل قرشوم الذي تدرج إلى القمم العمل العام بفضل تواضعه واحترامه للاخرين ..
وأقولها وبدون أي مجاملة لقد كان فطور مصابيح الفرح مميزاً من ناحية التنظيم ونوع الطعام والاضاءة ومكبر الصوت في الفضاء المفتوح وأكثر ما نال إعجابي الغياب التام للحوم الحمراء التي لأتناولها فإزدانت الموائد بلحم الدجاج المشوي .. وفي ظل تلك النخلة التي أرجعتني لأيام المدرسة الوسطى وقصيدة ايليا ابو ماضي النخلة الحمقاء بما فيها من حكم بليغة :
وظلت النخله الحمـــــــقاء عـــــــاريةً كــأنهــا وتـــد في الأرض أو حــــجــــــــــر
ولم يطــق صــاحـــب البســـــتان رؤيتها فاجتثهــــا، فهوت في النار تســـــتعـــــر
من ليـــس يســـخو بما تســـخو الحـياة به فإنه جاهل بالــــحــــرص ينتــــــــحـــر
فلأن للنخلة في ثقافتنا النوبية قيمة كبيرة فهي ليست بالنسبة شجر أو نبتة .. بل نضعها في مستوى الام الحنون ودعواتنا لها بالخضرة الناضرة .. و حفظك الله أيتها النخلة من بلدوزرات البلدية ..
شكراً لمصابيح الفرح .. لهذا التجمع الاخواني الفريد وهذا التنظيم الرائع .. وإلى المزيد من الابداع ..
حبيبنا كايل أمبس .. أرجو إنزال هذه الخواطر كما هي .. إذا قمت بالمراجعة سوف أخلط أمر .. دعها هكذا ..
علي عبدالوهاب ( آرتاوي )

المصدر: منتديات الملوك

---

ht'hv lwhfdp hgtvp >> hgjpdm gHk,v uf]hggi