سياحة وجدانية في ربوع أمنتقو :

أخي الكريم / عباس علي / السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته , سائلا الله لكم موفور الصحة والعافية ......... وبعد :


لك التحية والشكر ياعزيزي علي هذه المؤازرة والتشجيع والحضور الأنيق والذي ينم علي اهتمامكم بهذا الجانب فلقد وقفت علي الكثير من مساهماتك القيمة سياحة ممتعة في الكثير من ربوع السودان , فجزاك الله خير الجزاء , فما احوجنا اليوم ( بالذات الشباب ) للتعرف علي السودان الحافل بكل جميل .

أكرر شكري وبورك فيك , ودمت .

أخي الكريم الشيخ / حسن / السلام عليكم ورحمة الله

وبركاته ....... وبعد :

مرحبا بك في كل حين , ولا شك أن كل اطلالة منك ستكون اضافة حقيقية , أسال الله ان ييسر هذه العودة , وكان الله في العون فحقيقة الرهق حاصل والبركة اتنزعت ( شوف الزوار قدر شنو ! والثمرة حجمها قدر ايه ! ) .

تحية تبقي ومودة تدوم والسلام .

سياحة وجدانية : ( 9 )
محطة رقم : ( 8 )

تمضي مسيرتنا جنوبا ونتجاوز الشفخانة لنصل تلك الدار الحبيبة الي نفوسنا ( دار عمنا / ختم بدوي / عليه الرحمة , والتي تقع غرب الدربوق , دار تربي فيها ونشأ علم من أعلام السودان الأخ / عبيد ختم بدوي , الذي باع حياته لله , ونسأل الله الكريم أن يجعل البيع رابحا , فنستمحيكم أن نقف وقفة وفاء لزمالة امتدت سنوات .

الشهيد / عبيد ختم بدوي

سألته حينها عن صحة الرواية التي تُحكي وكانت سببا في التحول الكبير , هذا التحول الذي جعل كل سكناته وحركاته بعدها طاعة لله تعالي , سألته عن صحة مايُقال بأن هذا التحول جاء بعد رؤية منامية رهيبة , ابتسم ولم يجب , لكن الأكيد لي ولكل الزملاء حينها أن ( عبيد ) كان فارسا في الجاهلية وفارسا بعد أوبته الي ربّه , والراجح عندي أنها كانت هداية محضة لفطرته التي كانت تنضح بكل قيم الدين السامية .

هكذا كانت بدايته التي أعرفها خاصة والحركة الاسلامية أو الاحزاب لم تكن تهتم بتجنيد الطلاب بالمرحلة المتوسطة , لكنهم دون شك كانوا يسخرونهم لمصالحهم الحزبية , والشاهد علي ماأقول مظاهرة كبيرة قمنا بها في مدرسة القولد الوسطي مطالبين بمطلب واحد ( البت في قضية الدمورية ) المتهمة فيها حينها الدكتورة الوزيرة / فاطمة عبدالمحمود , أما تكسير البار فكان نتيجة هوي ورغبة محلية , هوي شخصي واثباتا للذات عند البعض , وهوي شرعي وديني عند آخرين ومن بينهم الأخ / عبيد .

هذا هو ظني في بدايات الأخ / عبيد , لكن هناك أمر لم أجد له تفسيرا حتي يومنا هذا , أمر يعارض هذا الذي قلته قبل قليل , ونحن بالصف الثاني المتوسط , خصني الأخ / عبيد بقصيدة ( اخوانية ) تحكي عذاباتهم بالسجون في عهد الرئيس / جمال عبد الناصر , قصيدة عُرفت حينها بالنونية , قيل فيما بعد أنها للدكتور / القرضاوي , خصني بها وهو في غاية الحذر و الحيطة حيث كنا نذهب سويا الي الفصول في وقت الراحة لكتابتها , أبيات كثيرة لقصيدة طويلة منها :

والخطب ليس بخطب مصر وحدها *** بل خطب هذا المشرق المسكين
في ليلة ليلاء من نوفمبر *** فُزّعت من نومي لصوت رنين
فاذا كلاب الصيد تهجم بغتة *** وتحوطني عن شمأل ويمين
وتخطفوني من ذوي وأقبلوا *** فرحا بصيد للطغاة سمين

فهل ياتري كان حينها الأخ / عبيد قد انضم للحركة الاسلامية ؟ أم أن الصدفة فقط هي التي ألقت هذه القصيدة في يده ؟ وهل تلميح احد الاخوة الزملاء يصلح أن يكون دليلا وحجة , واشارته لحصص الرياضيات التي كان يدرسنا لها في اجازاته الجامعية , ابن الحركة وابن القولد وقائد المجموعة التي احتلت دار الهاتف , والذي قال عنه الرئيس نميري حينها : ( ليبي اسمه حسن ) , الشهيد / حسن عوض الله واوا , فهل كان له أو لغيره يد في هذا الانضمام المبارك ؟ .

الذي لا شك فيه أن كل من عرف الاخ / عبيد حينها لمس صدقه المطلق , فان جاء اقتناعه بوجوب خطوة من الخطوات يُقبل عليها دون أدني تردد , أخ أخوان وفارس حوبة , جاء التحاقه بمدرسة دنقلا الثانوية اضافة حقيقية ليحول عام السجن الذي حكم به عليه الي جنة , جنة لانه حفظ الكثير من القرآن فيه , وعاش تجارب مدافعة النظام حينها , ثم جاءت مرحلة جامعة الخرطوم ومجاهداته وهمومه التي اتسعت بحجم الوطن , ثم أنعم الله عليه بالعمل بجامعة أفريقيا العالمية ليحتك بشعوب العالم من أمة الاسلام , فتسمو نفسه الي المعالي , ويتقبله الله شهيدا ( باذن الله ) في ادغال الجنوب .

رحم الله الاخ / عبيد ختم و وجعل البركة في ذريته الي يوم الدين .

مشكور أخونا الفاضل الأستاذ - عبد العظيم بارك الله فيك ورحم والديك وأكرمهما بجنة النعيم آمين
قلت ولما كان الحديث عن هذا العلم أبومجاهد عليه رحمة الله - أحببنا أن نتوج هذا البوست بسيرته العطرة - فقد كان عليه رحمة الله مدرسة وموسوعة علمية ماركن إلى الدنيا بل ألقاها خلف ظهره وزهد فيها========================
من حياة شيخ القرأءات ابو مجاهد رحمه الله
من حق الشيخ علينا ان نذكر شيئ من تاريخ حياته ولو كان الشيخ حيا ما ذكرنا ذلك والنبي عليه الصلاة والسلام يقول اذكروا محاسن موتاكم لذلك لذاما علينا ان نبين للذين لم يدركوا حياة هذا الرجل المجاهد مواقف من حياته ، كان الشيخ رحمة الله ونحن صغار يقوم بإحضار الكتيبات لنا واشرطة الشيخ عبد الحميد كشك هو والرجل الفاضل عبد الرازق عبد العال رحمه الله ثم يأخذوا كتب احسان عبد القوس وغيره من مكتبة النادي ويضعوا الكتب الإسلامية والأشرطة مكانها ثم ياتوا الشباب ويستعيروا هذه الكتب والأشرطة من مكتبة النادي حتى كنت احفظ اشرطة عبد الحميد كشك ولا اعرف معناها من صغر سننا حين ذاك وكان الشيخ رحمه الله يعس المنطقة في الليل وكان صاحب همة عالية اذكر حضروا للمنطقة اناس اغراب فعلم الشيخ ان هؤلاء اخلاقهم سيئة لا بد ان يخرجوا من البلد فجاء الى النادي واخبر الشباب بهذا الأمر فأستعد الشباب لهذا وجاءت ساعة الصفر وضربوا هؤلاء النفر ضرب غراءب الإبل ثم جاء نون وهو من القولد له دكان في سوق امنتقو وقال انا اضمن لك يا شيخ عبيد خروج هؤلاء الناس بأول بنطون وقال له الشيخ اكتب لنا على ذلك فكتب نون ثم غادر هؤلاء في اول بنطون .
وفي زواج الأخ ابراهيم المفتي وكان الشيخ له صداقة حميمة مع الأخ علي العمدة فجاء الشباب الى الشيخ يطلبون منه ان يتوسط الى الأخ علي لتكون هنالك ليلة طرب اتدرون ماذا قال لهم الشيخ رحمه الله غضب غضبا شديدا وقال لهم سبحان الله تأتون الي لكي اتوسط لكم في الباطل هذا لا يجوز .
وكنا في القريه احيانا ونحن صغار نغني ونضرب على الطبل فيسمع الشيخ الصوت ويأتي الينا فيقول ايها الأخوان انتم حما ة القرية وهذا لا يجوز الغناء حرام هكذا كان منهج الشيخ رحمة الله يقول عن نفسه رحمة الله الشيئ الذي يزعجني احضر الى السجانة وكان البص يسافر من السجانة امام دكان السر عثمان رحمة الله ويكون فيه نساء هم يرونني وانا لا اراهم ثم يذهبون البلد ويقولون لإمي رأينا ابنك ولم يسلم علينا فوالله انني لم اراهم ثم تلومني والدتي فهذا يحزنني اقول لإمي والله ما رايت احدا يا والدتي تقول لي هم رؤك من نافذة البص ذكر من حضر وفاة الشيخ رحمة الله قال كان يقول لنا ان رأس مال احدنا طلقة بدولار لا بد ان تجددوا التوبة وان لا يفتر لساننا عن ذكر الله ويقول عندما اصيب الشيخ رحمه الله اخرج ساعة من يده وخاتم كان يلبسه وغضيب اراك كان يستاك به وقال لهم هذا اعطوه لإهلي وقولوا لهم خرجت من الدنيا ولا املك غير هذا انا اذكر هذه المواقف لأن كثير من الشباب لم يعرفوا منهج الشيخ رحمه الله رحمة واسعة واسكنه جنات النعيم والنظر لوجهه الكريم وان ينزله منزلة الشهداء والصديقين والصلاة والسلام على النبي الأمين ؟

بورك فيك أخي الكريم شيخ / حسن ميرغني وغفر الله لك ولوالديك علي هذه الاضافة الثرة ونحن نغترف اليسير من هذه السيرة العطرة , ونستظل ونتبارك بهذه النفحات ( العبيدية ) المباركة , والتي تعيد الثقة الي نفوسنا بأن وعد الله قادم وباسرع مما نتخيل , وأن تلك الدماء الزكية الصادقة التي روت أرض السودان لن تذهب سدا , ياالله ( ساعة / خاتم / عود أراك ) ياللروعة ! وياله من اصطفاء , هي مامطلوقة ......., ثم اقبلت الدنيا , وليتها لم تقبل , جاء البترول بالساحق والماحق علي البعض ! وخطف الكثير من البهاء والنور من الكثير من الناس ............ وبعد :

رحم الله الأخ / عبيد ختم وجعله في الفردوس الأعلي , فلقد خدم الأمة بصدق وتجرد ونكران ذات , ووضع الساس المتين والبرنامج الشامل المفيد لمعشر شباب السودان , ففي بداية عهد الانقاذ ساقه اهتمامه ورعايته لشئون الشباب وسعيه الدؤوب للرقي بهم , ساقه ذلك للتعامل المباشر حينها مع نائب رئيس مجلس قيادة ثورة الانقاذ الوطني ( الشهيد / الزبير محمد صالح / عليه الرحمة ) وتوطدت بينهما العلاقة ورغم ذلك لم يكن يعلم الشهيد الزبير أنهما من منطقة واحدة الا بعد استشهاده ! فقيل أن الزبير تحسر علي غياب هذه المعلومة عنه من قبل ! وبالفعل أصر أن يصل الي دار عمنا / ختم بدوي ويقوم بواجب العزاء مع أسرته .

الرحمة للأخوة : الزبير محمد صالح وعبيد ختم بدوي , ولكل شهداء الأمة .

سياحة وجدانية : ( 10 )

خاتمة :


الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وآله وصحبه وسلم , بجولة اليوم سنختتم سياحتنا الوجدانية للشقيقة / أمنتقو , ولأنها وجدانية فقد استهدفت العقود : ( 60/ 70 / 1980 م ) , وتحت مظلة الآباء وكنفهم , تلك الفترة المحببة الي نفوسنا , بعطائها اللامحدود , والأماني العراض , تلك الفترة التي تجلت فيها عبقرية الآباء , وكان شعارهم للمدرسين : ( ليكم اللحم ولينا العضم ) , حبا وشوقا للعلم , وهما شغل الكل في أن ينال الابناء والبنات أكبر قدر من التعليم .


سنتوجه اليوم جنوبا من بيت عمنا / ختم بدوي / , وكالعادة سنجد تلك المحلات التجارية مفتحة الأبواب , سنمر من أمام دكان الأعمام : محي الدين وحسن هلالي , وبعدهما دكان العم / حسن عابدين , ثم نعرج علي محل الأخ / محجوب حاج علي لرؤية آخر انتاجه من الموبليا الراقية التي كان يجيد صناعتها , وقبل وصول الحد سنمر من أمام دكان الزعيم ( ابراهيم ) , ثم نقف أمام آخر بيت من بيوت أمنتقو من الناحية الجنوبية , بيت الجدة ( روضة بنتكول ) عليها وعلي جميع أخواتها الرحمة والمغفرة .

سنقف هناك وقفة تأمل وتبصر وتذكر لكل الآباء والامهات الذين عمروا هذه الأرض بجميل عطائهم وسماحتهم ونبلهم , ورحلوا مطمئنين واثقين من وعد الله تعالي الي دار الخلود , فلا نملك الا أن نسأل الله تعالي أن يجمعنا بهم في مستقر رحمته , في جنة عرضها كعرض السماوات والأرضين , فلقد والله أحسنوا الينا أيما احسان , وقدموا الغالي والرخيص من أجل اسعادنا , فلهم ولآبائهم الرحمة والمغفرة في كل ربوع أمنتقو .

الجدير بالذكر وعطفا علي حقوق الآخرين من غير ابناء المنطقة والذين رافقونا في هذه السياحة نقول لهم : بحمد الله وتوفيقه اليوم وفي منطقة أمنتقو الكثير من الاضافات التي تمت بجهد رجال خلص من ابناء المنطقة , فهاهي المدرسة الثانوية للبنات تقف شامخة ومشرفة بجميل ادائها , وايضا تم بناء سوق جديد , كما تم تأسيس قسم للشرطة ومركز صحي حديث , كما قامت مساجد علي أحدث طراز , وتم تحديث بعضها .

في الختام لا يسعني الا أن أتقدم بجزيل الشكر لكل من شارك واضاف , ولاؤلئك الذين شجعونا للمضي قدما في هذه السياحة , فنسال الله أن يتقبل من الجميع , ويجزيكم خير الجزاء , وأن يحفظ المنطقة وأهلها من كل سوء وأن يسدد رميتهم في تحركاتهم الأخيرة لما فيه الخير والصلاح , كما نسأله أن ترفرف في سماواتكم دوما روح التعاون والاخاء , تلك الروح التي تفتح أبواب الخير للدنيا والآخرة .

وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

[SIZE=5][COLOR=blue][QUOTE=د محمد سيد احمد;123347]شكرا أخي عبد العظيم على هذه السياحة الوجدانية والتى عشنا من خلالها أروع الذكريات وطفنا معك أجمل الأماكن في درة الشمال أمنتقو. ويبدو أن تجوالك وترحالك كان من خلال "الدربوق" ومن هم على ضفتيه من الأهل والأحباب ولكنك لم تنزل على "حجيرة" البحر في حي "الصرامطة" كما اسميه في أمنتقو. وهنالك عند مشرع البنطون كان يوجد احسن الاسكافية في الشرق وهم عمنا فضل الله "دلول" وعمنا عبد الله "فروة" وعمنا أبراهيم موسي والد أخونا موسي إبراهيم موسي والذى كان ذات يوم ريسا للبنطون. وكان هؤلاء يعملون من صياح الديكة وحتى الغروب. وكنت أراهم وأنا صغير وهم "ينتفون" شعر الجلود بعد غمرها أياما في البحر ووضعها بعذ ذلك في مادة الجير والملح. وكانوا يقومون بعد زعط الشعر بتجفيفها ومن ثم إضافة مادة التفتتة الحمراء لها لتصبح جلودا زاهية اللمعان جاهزة لقطع المراكيب. وكان عمنا فضل طيب الله ثراه متخصصا في المراكيب وكان زبائنه من الغدار وحتى تمر العرب.وكانت مراكيبه جيدة الصناعة تعيش طويلا حتى صارت مضرب الأمثال. وكان عمنا ابراهيم موسي يعمل ايضا في المراكيب ولكنه كان يشتغل ايضا في السروج والبرادع الفاخرة. اما عمنا عبد الله فقد كان متخصصا في الفراء والسعون والقرب. كانوا عند حجيرة البحر يملكون مصانع متكاملة للجلود. وكانوا دوما يتعشون مبكرا ولهذا صار عندنا المثل يقول "عشاء صرامطة" أي عشاء مبكر لمن يريد أن يتعشى ويصحا مبكرا. وكنت دوما أسأل لماذا كان الجنيه السوداني قويا في الستينات والسبيعنات وكانت قروش قليلة تكفي حاجة العائلة عندما يذهبون للسوق ، وكنت أجيب: أننا كنا نملك كل وسائل وأدوات الإكتفاء الذاتي في السلع. فمن أهلنا "الصرامطة" كنت مكتفين من الأحذية والأغطية وأدوات تبريد المياه. ومن عمنا "حمبة" طيب الله ثراه كنا مكتفين من الزيوت النباتية من عصارته الشهيرة. ومن الفرد والدمور كان عمنا ود حسون يغطي حاجة البلد من الملابس وكانت لنا زراعتنا التى كانت تكفي كل بيت. لهذا كان الجنيه السوداني يعتبر من العملات الصعبة فقد كان في الستينات يساوي دولار وعشرين بنسا أمريكيا. لأننا كنت مكتفين ذاتيا بواسطة هؤلاء الحرفيون فقد كان ميزاننا التجارى معتدلا وفي معظم الأوقات في صالحنا مع دول العالم الأخري وكانت مديونية الدولة قليلة أو شبه منعدمة.
شكرا أستاذ مصراوى على هذه الذكريات الجميلة متمنين أن لا تحرمنا من قلمك السيال في كافة المواضيع وبارك الله لنا فيك.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم النصري
كان ذلك فى رمضان -الشهر الكريم -شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار -شهر الشهداء.
فى يوم الخميس من منتصف رمضان فى العام 1992 توفى الوالد النصرى بمستشفى الخرطوم
وتوفى فى ذات الوقت صديق عمره احمد عبد الله قرافى ودفنا فى احدى مقابر الكلاكله بجوار
لفة القبه وخلف المحليه والمسافة بين قبريهما تعد بالامتار- عليهما رحمة الله تعالى...
وثانى ايام العزاء ارسلت لى والدتى نسأل الله لها دوام الصحة والعافيه-نطلب منى الحضور اليها والمنزل
ممتلئ بالاهل والمعزيات - فعرفت ان هناك أمرا لابد ان اعرفه فذهبت اليها فقالت لى : صا حب
ابوك ختم الجزار ولدو استشهد فى الجنوب امشى عزى الناس ديل اهلك .
كان هذا الشهيد هو عبيد ختم -لم التقى به كثيرا ما عدا لحظات فى ترحيلات ناوا ايام المرحوم
الخال عبد الله ادريس -فقد حرمتنى كسلا كثيرا عن مواصلة اهلى واخوانى..
ولكنى كنت اعرف بعضا من سيرة الشهيد عندما كان بمدرسة القولد من خلال حديث والده
عليه الرحمة ختم بدوى الى والدى فقد كانت بينهما صداقة ورحم .وكان ختم يزور والدى كثيرا
وكان يثنى على ابنه عبيد وما زلت اتذكر انه كان يقول انه لم يرى شابا متدينا تدين ابنه عبيد
ويقول كان يقرأ القران كثيرا وكان يقيم الليل وهو فى ذلك السن المبكرة من حياته .هذا الحديث
من والد عبيد جعلنى اتشوق كثيرا لمعرفة عبيد عن قرب ولكن كيف ذلك وانا فى اقصى الشرق
...عدت الى كسلا بعد ايام العزاء وأنا اتطلع لاعرف المزيد عن حياة هذا الشهيد ..
وعلمت من احد الذين كانوا معه فى ذلك المكان الذى استشهد فيه -وفى ذلك المكان لايمكن ان
تجد شخصا لاتثق بحديثه فقال لى: حملنا الشهيد بعد استشهاده -ووجدنا رائحة المسك تفوح
من جسده بصورة لم نألفه من قبل فتأكد لى الحقيقه الناصعة البياض ان عبيد ختم شهيد عند الله تعالى لان بشائر الشهادة حقيقة امامنا..يقول محدثى : كرهت الدنيا وتمنيت ان اكون مكانه الا انى
اعلم ان الشهادة اختيار من الله تعالى وليس من اختيار اليشر ..وعزمت الا اعود الى الشمال
حيا ولكن كان قدرى غير ذلك -عادوا بى الى الشمال لاشغل منصبا من مناصب الدنيا والتى جاهدنا كثيرا لتركها
فلم تتركنا -وانا الان بينكم -واولئك الشهداء عند ربهم يرزقون بمشيئة الله تعالى ..هكذا قال محدثى.
اخى عبد العظيم كنت ابحث كثيرا عن تفاصيل حياة هذا الشهيد ووجدت جزءا قيما فى سياحتك
الوجدانيه ..ولكن مازال الكثير منها بعيدا عنا .وليتنا نجد من يكتب لنا السيىرة الكاملة لحياة
الشهيد منذ دخوله المدرسة الاوليه وحتى استشهاده مستعينا بكل الذين رافقوه خلال حياته والتى نزرها لله رب العالمين ......
وجزاك الله خيرا اخى عبد العظيم وما زلت اطمع فى المزيد...